هل النبي أمّي؟…سؤالٌ يجيب عليه الدكتور علي منصور كيالي
منصة ريتينغ برودكشن (بتصرف)

يقول العلمـاء أنّ سـيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، كان أمـيّ، أيّ جـاهل بالقـراءة والكتابة و….
فمـا هـي حقـيـقة “النبـيّ الأمـيّ؟ !!
يقول تعالى: “وإنْ تعـجـبْ، فعـجَـبٌ قولـهم” الرعد 5.
كـيف يُسـمّون أنفسـهم علمــاء!!!!، بينمـا يقولون أن الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم هـو: أمّـي، قاصدين بذلك الجهـل المعـرفيّ!!!!!، وهـو الذي قال عـن ذاتـه الكـريمة: “أنـا مـدينـة العلـم”.
إنّ الله تعالى هـو الذي عـلّم رسوله الكريم، فقال تعالى: “وعـلّمـك مـا لـم تـكن تعلم، وكان فضل الله عليـك عـظيمـاً” النّساء 113، وعلّمـه أيضاً وبشكل مبـاشر جبريل عليه السّلام، فقال تعالى: “عـلّمـه شـديد القـوى” النّجم 5.
فهـل تخـرّج بعـد كـلّ هـذا العلم، وهـو: “أميّ؟!
الأمـيّ والأمـيين:
إذا نظـرنـا بـدقّة وفـهم لـهذه الآيات الكـريمة، نجـد أنّ مفهوم كـلمة الأميّ تعني: العـرب، ولا تعني: الجـهل المعرفيّ، وهـذه هي الآيات:
أوّلاً: كـان في المـدينة المنوّرة على صاحبها الصّلاة والسّلام، كان يوجد صـنفين من النّاس: عـرب وغـير عـرب، فقال الله لرسوله الكـريم صراحة: “وقـلّْ للـذين أوتوا الكـتاب، والأمـيين: أأسـلمتم؟ آل عمران 20، أيّ: قلّْ لـغير العرب: “أوتوا الكتاب”، وقلّْ للعـرب: “الأمـيين”، قلّْ لـهم: أأسـلمتم ، فإن أسـلموا فقـد اهـتدوا” آل عمران 20.
ثانياً: “وَمِـنْ أهـْلِ الـكِـتَابِ مَـنْ إنْ تَأْمَـنْهُ بِقِـنْطَـارٍ يُؤدِّهِ إلـيْكَ، وَمِـنْهُـمْ مَـنْ إنْ تَأْمَـنْهُ بِدِيْنَارٍ لاَ يُؤدِّهِ إلـيْكَ إلاَّ مَـا دُمْـتَ عَـلَـيْهِ قَائِمـاً، ذَلِـكَ بِأنَّهُـمْ قَالـوا: لَـيْسَ عَـلَـيْنَا فـي – الأُمّـييّـنَ – سَـبِيلٌ” آل عمران 76، لأنَّهُمْ يَعْـتَبِرونَ أن غَيْرَهم وخاصّة العرب، يشكّـلون خَدَماً لَهُمْ، وَلاَ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِمْ وَصَايا الرَبِّ.
فالواضح من هذه الآية الكريمة، أنّ: الأمـيّ هو كلّ إنسان ليس من أهـل الكتاب، وكلمة: “الأمـيّ” هي الأقـرب لكلمة: “غـويـيم” عـندهم، أيّ: الأممـيّ من الشّعوب الأخرى.
ثالثاً: قال تعالى للعـرب صراحةً: “كَـمَـا أرْسَـلْـنا فيكُـمْ – رَسُـولاً مِـنْكُـمْ – يَتْلـوا عَـلَـيْكُـمْ آيَاتِهِ وَيُعَـلِّـمُـكُـمُ الـكِـتَابَ وَالـحِـكْـمَـةَ” البقرة 151 .
والدّلـيل أنّ الأمـيين هـم: العـرب، هذه الآية الكـريمة التي تؤكّـد الآية السّابقة: “هُـوَ الـذي بَعَـثَ فـي – الأُمـِيّينَ – رَسُولاً مِـنهُمْ، يَتْلـوا عَـلَـيْهِـمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّـيهِـمْ وَيُعَـلِّـمُـهُـمُ الـكِـتَابَ وَالـحِـكْـمَـةَ” الجمعة 2.
فهـل الذي يعـلّم الكتـاب والحـكمـة، يكون: أمّـيّ، بمعنى الجهل المعرفيّ؟!!! أيّهـا العلمـاء.
رابعاً: إنّ المتعـلّم فقط، هـو الذي يطـلب المـزيد مـن العلم، بينمـا الأمـيّ صاحب الجهل المعرفيّ لا يطـلب المـزيد من العـلم، والله تعالى يطلب من رسوله الكريم صلّى الله عليه وسلّم صـراحةً أنْ يطلب المـزيد مـن العلم، فقال تعالى: “و قـل ربّ زدنـي عـلمـاً” طه 114.
اقرأ:
كـان النّبي صلّى الله عليه وسلّم، قـبل الرّسالة لا يعرف القراءة والكتـابة، يقول تعالى: “مَـا كُـنْتَ تَتْـلُـوا مِـنْ – قَـبْـلِـهِ – مِـنْ كِـتَابٍ وَلاَ تَخُـطُّـهُ بِيَمِـينِـكَ، إذاً لارْتَابَ الـمُـبْطِـلُـونَ ” العنكبوت 48.
لكـنَّ هَـذِهِ المَرْحَلَةَ انتَهَتَ بَعْـدَ الرِسـَالَةِ، حيث قال لـه المولى تعالى: “وَاتْـلُ مَـا أُوْحِـيَ إلَـيْكَ مِـنْ كِـتَابِ رَبِّـكَ” الكهف 27، “وَ قُـرْآنَاً فَـرَقْـنَاهُ – لِـتَقْـرَأهُ – عَـلـى الـنَاسِ عَـلـى مُـكْــثٍ” الإسراء 106، فقـد أصـبح عالـم العلمـاء، وأوتـيَ علوم الأوّلين والآخـرين، خاصّة بعـدمـا: “رأى مـن آيات ربّـه الكـبرى” النّجم 18.
مســك الختـام:
إنّ الأَحــرى بِنــَا أنْ نَصِـفَهُ: “بِعَـالِـمِ العُـلَمَاءِ”، أوْ: “مَـدينَة العِـلْمِ” كَمَا وَصَفَ هُـوَ ذَاتَهُ الشَـريفَة، ورحم الله الشّـاعر أحمـد شـوقي، الذي قال صـادقاً للرّسول الكريم صلّى الله عليه وسـلّم:
يَا أيـُّها الأُمِيُّ، حَـسْـبُـكَ رُتْبـَةً …. في العِـلْمِ، أنْ دانَتْ بِـكَ العُـلَمَـاءُ
كــل هـذا و اللـه أعلـم .