أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأمواهب واعدة

300 دولار لـ “سيلفي” مع فنانة شهيرة!

يزن خضور

بينما كنتُ جالساً، أشرب القهوة، وأتابع تزاحم الأخبار اليوميّة على الـ”سوشال ميديا”، والتي تنوّعت بين الوفيّات، وضحايا “كورونا”، والمرضى، والقتل، والتّدمير، والجوع، والجرائم العائليّة، والتي لم يلفتني أيّ خبر منها، لكونها أصبحت مظاهر يوميّة اعتدنا عليها، وأصبحت للأسف شيئاً روتينيّاً في حياتنا.

ما لفتني بالفعل هو “ترند” متصدّر عن فنانة مصريّة شهيرة، كنت معجب بشخصيّتها قبل أن أقرأ عنها هذا الخبر الذي شكّل صدمة بالنّسبة لي ولكلّ من أحبّها.

“فيفي عبده” ذات التّاريخ الفنّي الحافل بالإنجازات، والتي كانت حديث النّاس خلال السّاعات الأخيرة، بعد أن حوّلت محبّة جمهورها إلى (مصلحة) تستغلّهم من خلالها، لجمع المال منهم مقابل “لقاء وصورة سيلفي”.

قد يتفاجأ البعض لكوني أصف راقصة الـ”كازينو” بالفنّانة القديرة، وقد يسخّفني البعض الآخر خاصّة الطّبقة المثقّفة، لكن بغض النّظر عن أنّها راقصة، لا نستطيع الإنكار بأنّها ممثّلة قديرة، وحفرت اسم ومكانة لها في الدّراما المصريّة والعربيّة، فالنّجاح هو أن تبدع بالشّيء الذي تعمل به مهما كان نوعه.

وبالفعل استطاعت “عبده” أن تنجح وتكسب محبّة جمهورها خلال خمسين عاماً في مسيرتها الفنّيّة، ومحبّة الجمهور لها واضحة وبارزة ولا تحتاج إلى أدلة وبراهين، لكن هل يعقل للفنّان أن يستغل محبّة جمهوره مقابل المال؟

300 دولار لـ "سيلفي" مع فنانة شهيرة!

هذا السّؤال لم يراودني أنا فقط، بل شكّل حالة استغراب لجميع محبّيها وفق ما قرأت في خاصيّة (التّعليقات) على مواقع التّواصل الاجتماعي، كيف لفنّانة ناضجة لها اسمها وتاريخها أن ترخّص من نفسها من أجل المال، وكأنّها مجرّد سلعة للبيع، وهل يعقل أن يصبح الحبّ مأجوراً؟!

ربّما لا داعي لاستغرابي فالرّاقصة فيفي عبده منذ نشأتها اعتادت أن تطلب الدّولارات مقابل وصلة رقص، كما أنّها اعتادت على معادلة: إظهار الجسد أكثر يزيد الأموال عليها أكثر، ويتنافس رجال الأعمال على “رشها به”، فلا عتب عليها إن استغلت محبّة جمهورها بمردود مادّي.

لم تكتفِ فيفي عبده بطلب الأجر، بل قسّمت جمهورها إلى فئتين كما وصفتهم في إعلانها الدّعائي الذي نشرته عبر صفحاتها على مواقع التّواصل الاجتماعي، أوّلهما الفئة الذّهبيّة، كما سمّتها، وهي فرصة لقاء وتحيّة مع تصوير، يبلغ سعرها 750 درهماً أيّ ما يقارب الـ 200 دولار أمريكي.

أمّا الفئة الثّانية المدلّلة وهي فئة “البلاتينيوم” تشمل غداء مع الصّورة، ويبلغ سعرها ما يقارب 300 دولار أمريكي.

قد يجد البعض المبلغ الذي طلبته فيفي عبده زهيداً مقابل مكانتها الفنّيّة، وهذا الشيء يعود إلى كلّ شخص وحالته المادّيّة والبلد الذي يعيش به، فأنا بالنسبة لي كشاب سوري 300 دولار هي معاش ثلاثة أشهر، وأكثر للبعض الآخر، فهل من المعقول أن أضيّع تعبي وجهدي خلال 90 يوماً لأخذ صورة مع فيفي عبده!!

300 دولار لـ "سيلفي" مع فنانة شهيرة!

لا أريد أن أكون جلّاداً في كلامي وأصف فيفي عبده بـ (الطماعة) ربّما الحال ساء بها وتدهورت أوضاعها اقتصاديّاً، وهذا ما دفعها للقاء جمهورها في الإمارات مقابل أجر مادّي، لكن ليس من المنطقي مبادلة المحبّة بالاستغلال، هناك طرق أخرى كثيرة لجني المال بعيداً عن “الخورفة”.

فهؤلاء الأشخاص هم من أحبّوا فيفي عبده، وهم من صنعوا فيفي عبده، وهم من قدّروا مكانتها الفنّيّة، فـ رأس مال الفنّان جمهوره كما يقال، والفنّان من غير جمهور ليس فنّان.

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى