أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأاخبار فنية عامةالمقالات عامةبقلم رئيس التحريرسلايد اخبار فنية

في يوم المسرح: وماذا بعد؟

رئيس التحرير: عامر فؤاد عامر

رنّ هاتف أبي خليل القباني عبر الأثير، فكان زملاءه اليونان على الطّرف الآخر من المحادثة، الذين أسّسوا للمسارح في الأرض منذ أكثر من 7000 عام ثمّ تلاهم الرّومان فأحيوه وجاؤوا به إلى بلادنا، وتحديداً إلى بلاد الشّام هذه البلاد الدّافئة التي احتضنت مسارحاً بقيت شواهد إلى يومنا هذا في بُصرى، وتدمر، وجبلة، وشهبا، وغيرها.

قال اليونان لـ”القباني”: وماذا بعد؟!

يوم المسرح
أبو خليل القباني

أين ذهبت هذه الشّواهد؟! لماذا بقيت كأوابد تشير للماضي فقط؟!

لقد حطمها التّخلف العثماني، انتزعها من الفكر العربي مدعيّاً الإسلام، تسلّل إلى كلّ منارة فكريّة وصلبها، أسس للغربة بينها وبين التّاريخ، وفصلنا مئات السّنين عن الحضارة والتّقدّم.

عندما نذكر عن سيرة أبي خليل القباني، يعني أن هذا الشّخص وقف مصارعاً جبالاً اعترضت كلّ سُبل الحضارة وكلّ انطلاقة فكريّة. هو لم يحارب من أجل مسألة استهواها، هو صارع التّخلف المقصود وناضل وهو يعلم أن العقول أصيبت بالجمود وحُقنت بمرض الخوف من التّغيير، المتسلحة بقواعد جافّة بعيدة عن العلاقة مع خالق الكون.

يوم المسرح
نزار قباني – قصتي مع الشعر

لم يواجه حائطاً صلباً وحسب سواء في دمشق أو مصر، هو تحدّى منبع خراب بلادنا، تحدّى الدّولة العثمانيّة التي كرّست الضّعف في النّاس، وأبعدت بلاد العرب عن الحضارة، وماذا بعد؟! هذه هي المصيبة التي يجب ألا نغيب عنها في يوم المسرح، هذه الفاجعة التي يجب أن نعالجها في كلّ أيّام السّنة وليس فقط في يومٍ منها، وهذا ما أشار إليه الرّاحل نزار قباني عندما قال: “أعجوبة كان هذا الرّجل. تصوّروا إنساناً أراد أن يحوّل خانات دمشق التي كانت تُزرب فيها الدّواب إلى مسارح … ويجعل من دمشق المحافِظَة التّقيّة، الورعة، “برودواي” ثانية”.

خشبة المسرح، المؤصّلة من ملايين السّنين، المصنوعة من مادّة الخشب، وهل ندرك كم بقيت النّبتة تنمو وتكبر إلى أن تحوّلت إلى خشبة؟! إن هذه المساحة التي يعتليها الفنّ ليتحوّل إلى لغة من نور تحتاج منّا إلى نهضةٍ وعودة. الخشبة هي أمّكم، لا تتركوها.

ليس الفنّ أن تسعوا وراء شركات الإنتاج كي تنالوا دوراً في مسلسل! قاطعوهم، فالفنّ الحقيقي لا يحتاج إلى هذا اللّهاث! الفنّ يحتاج إلى صحوة نعيد فيها دفئ المسرح الذي احتضنته بلادنا منذ آلاف السّنين، وأن نكون في المقدّمة ننير للآخر أيّامه، لا أن تقفوا صامتين، تأخذكم الموجة وتسيرون معها غافلين.

يوم المسرح
تيسير خلف – رحلة أبي خليل القباني

أشار الكاتب تيسير خلف في كتابه “من دمشق إلى شيكاغو …رحلة أبي خليل القباني إلى أميركا 1893” إلى أن “أبا خليل” عرض ثمان مسرحيّات قصيرة في معرض “شيكاغو الكولومبي”، وكانت فرقته مؤلّفة من 58 عضواً من أنحاء بلاد الشّام، شكّلوا صدمة للأمريكيين بجرأة أفكارهم، قادمين بها من الشّرق، حيث لا يعرفون عنه إلا عدائيّة الحملات الصّليبيّة، واحتفت بهم الصّحف الأمريكيّة بابتهاجٍ واهتمام، في حين تناولتهم صحف أخرى محافظة بالعدائيّة والاتهام والتّحريض.

اليوم، في يوم المسرح، نقول: وماذا بعد؟!

يوم المسرح
مدرج بصرى الشام
يوم المسرح
مدرج تدمر
يوم المسرح
مدرج جبلة
يوم المسرح
مدرج شهبا

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى