يا أبناء الحسين وعمر .. صوتنا أعلى من طائفيّتكم

أنا كاتبة مقال “رهاب الزّواج في بلاد الحسين وعمر”؛ أُقرّ وأعترف أنّني لم أقصد من كتابة المقال إثارة النّعرات الطّائفيّة، ولا توسيع الفجوة بين المذاهب، ولا حتى التّنمر على طائفة معيّنة، أو الإساءة، كلّ ما أردته هو أن نتشارك الحبّ نحن أبناء الطّوائف، كوننا نعبد ذات الإله، ونحترم تعاليم نفس النّبي، وجميعنا نقرأ كتاب سماوي واحد، لكن أثار انتباهكم العنوان، وأغضب عنصريّتكم المكبوتة، ولم تكملوا قراءته للنّهاية، أو ربّما أسماء الأشخاص، التي تناولتها في النّص، أنستكم الفكرة المطروحة، وقلبت أدّمغتكم المتعصّبة، رجاءً أكملوا قراءة المقال حتى آخره، وتخيّلوا معي أنّنا وجدنا ساعة سحريّة، وعدنا في الزّمن حين نَشرِ تعاليم الدّيانة الإسلاميّة.
كانت الشّخصيّات، في ذلك العصّر، التي نتصارع عليها اليوم، ونحقّر الآخر لأجلها، متعايشةً مع بعضها البعض، وكان البشر يمشون على سجيّتهم، مؤمنون بما ينزل الوحي على نبينا محمد، لا يهمّني ما حصل تاريخاً بقدر ما يهمني أنّكم وصلتم للقرن الواحد والعشرين، أيّ بعد ١٤٠٠ سنة على تلك الحادثة التي فرقتكم، وبعد استغلاكم، وتدمير دولكم بأبشع الطّرق باسم الطّائفيّة، ما زلتم إلى اليوم تستهزئوا ببعضكم البعض، بجرأة على وسائل التّواصل الاجتماعي، وترفضون التّعايش، وكأنّنا لم نكتفِ من الدّمار الذي حلّ بنا بسببها، حتى أصبحتم تستمتعون بمشاهد الدّماء.
لماذا لا تستعملون هواتفكم الذّكيّة، لن أقول لأغراض علميّة، بل استعملوها للترفيه؟ واتركوا طائفيّتكم بعيداً، ألا تخجلوا عندما تتناقشون على مواقع التّواصل الاجتماعي بألفاظ عنصريّة! بعيدة كلّ البعد عن ديننا الإسلامي، والنّقاش الحضاري، كيف سينظر العالم لكم وأنتم هكذا؟! ربّما سيضحك على جهلكم، وينظر إلى ديننا بسخرية، ثمّ يرتاب من كميّة التّحقير، فقط بسبب حادثة مرّ عليها قرون، وهم الذين اعتذروا للعالم عن ساديّة ألمانيا ضدّ دين آخر، يؤمن بكتاب سماوي آخر، وبسبب غلطة تاريخيّة حديثة؛ ربّوا أجيالهم على نسيانها فوراً، وأنتم أصحاب نفس الكتاب، وذات التّعاليم الدّينيّة ما زلتم عابدون للجهل.

يا أبناء الحسين وعمر
هل تستطيعون تّناسي، ولو قليلاً، ما حدث قبل ١٤٠٠ سنة، وتهتمّوا بتطوير أنفسكم وأبناءكم، التّاريخ يا أصدقائي ليس كتاب مقدّس مسطّر بأيدي إلهيّة، هل تعلمون أن أسهل ما يتمّ تحريفه هو التّاريخ كونه مرّ على مليارات البشر، والحضارات، وأطراف نزاعٍ هدفها التّفرقة السّياسيّة لتمرير مصالحها الشّخصيّة.
لم يخلقنا الله لنتنازع على شيءٍ اختاره لنا، (لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)، سورة المائدة 48، لم نصل لمرتبه إله في الأرض لنعرف من منّا كافر، ونصنّف بعضنا البعض، وبالطّبع لن يرضى الله بالعدائيّة عنوان دينه!، (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) سورة الحجرات 13.
أثار انتباهي تعليق أحدكم، يقول فيه: “تخيّلوا أن يمسك علي يد عمر ويدخلون الجنّة سويّاً”، تخيّلوا أن يحدث كما قال، كيف ستكون وجوهكم أمام الله، هل ستعترضون وتشتمون بعضكم البعض أمامه يا ترى!؟
لماذا لا ننسى فقط؟ ونعود إلى ما كنّا عليه عندما كان عمر وعلي يجلسان إلى جانب الرّسول، فأنا لست شريكاً في قتل الحسين، ولدت إنساناً طبيعيّاً، أقرأ القرآن في عصرٍ جديد، واحترم أهل نبيي، وأنت أيضاً تشبهني، لماذا إذاً لا نمسك أيدينا، ونُخرس من يحاول إثارة الطّائفيّة لمصالحه الشّخصيّة، والدّوليّة؟
تعالوا نكمل بعضنا البعض لنخلق جيل جديد ينشر الجانب الطّيّب من ديانتنا الإسلاميّة التي شوّهها مدمني الدّمار ونعيد بسمة العراق، وسورية، ولبنان، في وجه العالم، ألم تشتاقوا إليها؟!
