وفاة أنطوانيت نجيب … الكلمات لا تفِ حقّ غيابها
قالت لي مرّة أنّها تثق بمحبّة النّاس وبأنّهم مستمرون على محبّتها … تُرى ما الذي جعلها على هذا الإصرار والمراهنة؟! هذا ما كنت أسأل نفسي به! هل المحبّة يجب أن تكون مشروطة؟! وقد أدركتُ أنّها – المحبّة – ليست كذلك في كلّ الكتب المقدّسة وكلّ كتب الحكمة القديمة، في حين أنّها لدى أنطوانيت نجيب مشروطة وبثقةٍ كبيرة!
رحلت وتركت جديدها
أدركتْ أنطوانيت في العامين المنصرمين أن طاقتها لم تكن بكامل حيويّتها، لكنّها بقيت مصرّة على العطاء والعمل، وها هي تنفّذ مشاهدها بكلّ محبّة وبكلّ جبروت، وبكلّ ثقة نابعة من الإيمان بأنّها ستكمل أيّ مشهد أحبّته وأيّ دورٍ أو شخصيّةٍ اقتنعت بها، ولذلك سنرى أنطوانيت في مسلسل وفي فيلم لم يُعرضا بعد على الجمهور …
خارج المراهنة
إذاً أنطوانيت نجيب خارج المراهنة، وبعيداً عن المألوف، علمت أنّها من جيلٍ مهّدَ وقدّم وضحى كثيراً ليصنع صورة تليق باسم البلد، واستمرت بين أبناء الأجيال الجديدة، الواحد تلو الآخر، وأثبتت بأنّها جديرة أن تكون الأمّ والمعلّمة لكلّ هؤلاء، حملت روح الشباب وجارتهم باجتهاد، وفي نفس الوقت لا ينسى أحدهم تاريخها المليء بالتّجارب الفنيّة المهمّة، والتي لم يسبقها إليه أحد.
أنطوانيت والحضور دائم
صريحة في محبّتها تجاه الأشخاص، ولا توارب في عتبها تجاه أيّ جهة عمل وجدتها مقصّرة في حقّها أو حقّ زميلاتها، ملامحها الثّابتة توحي بأنّها قويّة الحضور. من يتابع تاريخها الفنّي جيّداً سيرى أنّها مهما أطالت من غيابٍ تعودُ لتصل بين الماضي والحاضر، لذلك تذكرها العين في كلّ مرحلة من مراحل الإنتاج الفنّي في سورية، ولا تصدّق غيابها وإن كان لسنواتٍ طويلة.
لماذا؟!
على الرغم من وسامتها ومن حضورها المحبّب أمام عين الكاميرا، وملامح الجمال الخاصّة وعيونها الخضراء المتلألئة، إلا أننا لم نرَ أنطوانيت نجيب كثيراً أمام تجارب تمثيليّة خارج التّجربة السّوريّة، فكانت المرّات التي حضرت فيها خارج هذا الإطار قليلة جدّاً، وأقول ذلك ليس سلباً ولا لوماً إنما إشارةً إلى أن شخصيّة بمقدّرات ومواهب أنطوانيت يليق بها أن تكون خارج الحدود العربيّة.
رحم الله الفنّانة أنطوانيت نجيب
ما هي الكلمات التي يمكن أن تصف فنانة من جيل المؤسسين؟! ما هي العبارات والجمل التي يمكن أن تحيط بتاريخ إنسانة نذرت نفسها للفنّ حتّى أيّامها الأخيرة؟! في الحقيقة قد لا تفي اللغة هنا حقّ من رحلوا عنّا وقد تعبوا وقدّموا للحياة وما تزال أدوارهم وشخصيّاتهم تؤثر بالنّاس في كلّ مرّة يُعرض فيها عمل فنّي مسجّل باسمهم …
