أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأالمقالات عامةمقالات عشوائية

هل الإسلام اختراع بشري؟

الدكتور علي منصور كيالي – بتصرف ريتينغ برودكشن

الدكتور علي منصور كيالي

هل الإسلام اختراع بشري؟

يقول الله تعالى: “مـا مـكـنّـي فيـه ربـي، خـير” الكهف 95 .

في البـداية، لا يمكـن لأيّ كـاتب أن يـوجـد كتـاب، عصـيّ على التّحـريف، لآلاف السـنين، ولكن القرآن الكريم عصيّ على التّحريف، حتى تحريف حركات التّشكيل، وهي الفتّحة، والضّمّة، والكسّرة، وليس تحريف الكلمات.

إليكم مثالاً على تغيير حركة التّشكيل، إنّ الآية رقم [ 10 من سورة الفتح ] فيهـا: “ومَنْ أوفى بمـا عاهد – عليــهُ – الله”، ونجـد كلمـة: “عليـهُ” بضّمّ الهاء، وإذا تمّـت طباعة ملـيون نسـخة من القـرآن الكريم، وفيهـا كلمة: “عليـهِ” بكسـّر الهاء، فإنّ المليون نسـخة تُحرق، ولا يتـمّ توزيعهـا، لأنّ هـذا تحريف للقـرآن الكريم، مع أنّ الـدّارج في اللّغة العربيّة اسـتخدام كلمة: “عليهِ” بكسّر حـرف الهاء.

أوّلاً: هـل من المعقول لأيّ إنسـان عـاقـل، أن يـؤلّـف كتـاباً يقول فيـه للنّاس أنه هـو الـذي: صـنع الكـرة الأرضـيّة، وصنع المحيطات، وأنه هـو الذي أوجـد الأشـجار، وأنه هـو الـذي خـلق النّاس جميعاً …إلخ، وهـذه كلّهـا مـوجودة قبل ولادته بمليارات السّـنين، وسـتبقى موجودة بعـد وفاته بملايين السّـنوات!

تصـوّروا إنسـاناً يظهر الآن على الفضائيّات، ليقول لكم أنه هـو الذي خلقكم، وأنه يرزقـكم، وأنه صنع لكم الكرة الأرضيّة، والجبـال، والمحيطات، وخـلق لكم الشّـمس، والقمـر، والنبـاتات، حـتّمـاً سـتقولون عـنه أنه مجـنون، في نسـب هذه الأمور لـذاته!

لذلك فإن الرسـول الكريم محمد صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه أجمعين، هـو: رسـول يتحدّث باسـم الـذي أرسـله، سبحانه وتعالى ، لـذلك قال للنّاس آيات لا يقولهـا إلاّ خالـق تبارك وتعالى: “اللـه الـذي سـخّر لـكم البحـر” الجاثية 12، “اللـه الـذي خـلق السّـماوات، والأرض، وأنـزل من السّـماء مـاءً، فأخـرج بـه من الثّمـرات، وسـخّر لكم الفـلْـك لتجري في البحـر بأمـره، وسـخّر لكم الأنهـار، وسخّـر لكم الشّـمس، والقمـر دائـبين، وسـخّر لكم اللّـيل، والنّهار” إبراهيم 32 / 33 …، والآيات كثيرة.

ثانياً:

هـل منَ المعـقول أن يتـحدّى إنسـان عـاقل

وفي الأيّام الأولى لرسـالته، يتحـدّى إنسـاناً آخـر بأنه إن لم يؤمـن، سـيكون مصيره النّـار! فـلو أن “أبو لهـب” قـد قال، ولـو من باب التّحـدّي: “أشهـد أن لا إلـه إلاّ الله” لفسـدت الرّسـالة الإسـلاميّة كلّهـا!

إنّ سورة “المَـسَـد” على الرّغـم من قصَـرها، لكـنّها ملـيئـة بالمعجـزات اللّغـويّـة، والفكـريّة، وغـيرها، مـمّا يُؤكّـد أنها ليسـت من قـول بـشـرٍ أبـداً.

أوّل موضوع مهـم بالسورة، هـو اخـتيار: الـيدّ البشـريّة من بيـن أعضـاء الإنسـان كي يُعـطي: أقـسى دُعـاء ورَد في اللغة العربيّة، وهـو: “تَـبّـت يَـدا”، لأنّ أرقّ دعـاء، ورد في اللغة العربيّة هـو: سَـلِمَـت يـدهُ، وقـد ورد في هـذا البيت للشّاعر أحمـد شـوقي في وصف حـبيـبته:

مـولايَ وروحي في يـده      قـد ضَـيّعهـا، سَـلِمَـت يـدُهُ

درجـات الحـرّيّة:

نُعطي هـذه الفكرة في الفيزياء عـن: درجات الحرّيّة، إنّ القـطار لـه: درجة واحـدة من الحـرّيّة، لأنه يتحرّك على سـكّة مقيّـدة، أيّ يتحـرّك على: محـور واحـد، لـه طـول فقط.

إنّ لا عـب الكرة في الملعـب، له: درجـتين من الحـرّيّة، لأنه يتحـرّك على مسـتوي، أيّ يتحـرّك على محـورين همـا: طـول + عـرض الملعـب.

إنّ الطـيور في الحـديقة لهـا ثلاث درجـات من الحـرّيّة، لأنّهـا تتحرّك في الجهات الأربع على الأرض + الحركة نحـو الأعلى، أيّ : طـول + عـرض + ارتفـاع.

وأقصى مـا اسـتطاع الإنسـان حتى الآن، هـو اخـتراع رجـل آلي أو روبـوت، لـه: 8 درجـات من الحـرّيّة.

لكن اليـدّ البشـريّة التي خلقهـا الله سبحانه، تسـتطيع إعـطاء: 32 درجـة من الحـرّيّة، لـذلك اخـتار الله اليـدّ من جسـم الإنسان كي يُعـطي أقـسى دعـاء في اللغة العربيّة، وهـو: “تبّـت يـدا”، وكلّ الحـضارة، وكلّ التّـقدّم كان بسـبب اليـدّ الإنسـانيّة، كأعـقد آلـة ميكانيكيّة على الإطـلاق، فهـل يسـتطيع بشـر مثـل الرّسـول محمـد صلى الله عليه، وعلى آلـه، وأصحـابه أجمعين، أن يعـرف هـذه الحقيقـة، وقبـل 1400 سـنة؟!

لماذا قال: “أبي لهَـب”، ولـم يقـلْ اسـمه الصّريح الحـقـيقيّ: “عـبد العُـزّى”، فـلو كان القرآن من تأليـف محـمّد صلى الله عليه، وسلّم، لكان قال: تـبّت يـدا عـبد العُـزّى، و لـو كانت الآية الكريمة: تـبّت يـدا عـبد العُـزّى، لكانت السّورة انتهت صلاحيّتها بعـد موت “عـبد العُـزّى”، ولم يعُـد القرآن صالحاً لـكلّ زمان ومـكان، لـكنّه قال: “أبي لهَـب”، لأنّ القرآن يقـصُد: ظاهـرة أبي لهَـب المـوجودة حتى قيام السّـاعة، فكلّ أنسـانٍ يُحـاربُ هـذا الدّين الحـنيف هـو: أبو لهـب، وسوف “يصلى ناراً ذات لهَـب”، يوم القيامة.

لمـاذا أدخـل امـرأته معه؟!، والجـواب لعـدّة أسـباب أوّلُها: عـندما ذكـروا لها هـذه السّـورة، خـرجَـتْ تصـرخُ في الشّـوارع، وتقول لهـم: هـلْ قال “امرأتُـه”، بضمّ حـرف التّـاء، أمّ قال: “امرأتَـه”، بفتـح حـرف التّـاء، فقالوا لها: لقـد قال: “وامرأتُـه”، بضـمّ حرف التّاء، فـبقيت تصـرخ لآخر حياتها، وتقول: يا ويلي يا ويلي، مع أنّ الأسهل عليها أن تقول: “أشـهد أن لا إلـه إلاّ الله، فتتـخلّص من هـذه الورطة من جهةٍ، وتُخـرّب الرّسـالة الإسـلاميّة منْ جهةٍ أخـرى.

الشّـرح اللغويّ:

لو كانت الآية: “وامرأتَه”، بفتـح التّاء، لكانت: جُملة خـبريّة، ليـس لها علاقة بـ: “سـيصلى ناراً ذات لهـب”، ولـكانت نجـت منَ العـذاب يوم القـيامة، لـذلك قال: “وامرأتُـهُ”، كي تكون الكلمة معطوفة على: “سيصلى ناراً ذات لهَـب”، أيْ بشّـرها أيضاً بالنـار.

السّـبب الثّاني لإدخال امرأته معه: نُلاحظ أنّه قال: “امـرأتُه”، ولـم يقـل: زوجته، وبذلك فـضح مقـدار الكراهة، والبغـضاء، والحـقد الـذي تكنّه حمّالة الحـطب لبـعلـها، فـلو قال: وزوجته، لكان ذلك دلـيل محـبّة، وتفاهم بينهُـما، لأن كلمـة: امرأة، دلـيل عـدم المحبّة، والكراهيّة، مثال قوله تعالى في سورة “التّحريم”: “امـرأة نوح”، “امـرأة لوط”، “امـرأة فرعـون”، التّحريم 10.

الموضوع الآخر: أنّ القرآن الكريم ذكرها بـ: “صـفتها” أيضاً، وليس باسمها الصّريح، فقال: “حـمّالةَ الحـطَب”، أيّ: “حمّالة النّـميمة، والفـتَن بين النّاس، يقول الشّاعر: “لـم يمـشِ بيـنَ الحيّ بالحَـطَب”، أيّ: لم يمـشِ بالنّميمة”، لـذلك فإنّ كلّ إنسانة تحمل النّمـيمة، والفـتَن، هي: “حمّـالة الحـطب”، لـقيام السّـاعة، و”الحـطب”، لا تعني: المواد القابلة للاشـتعال، لأنّ وقـود الـنّار هـو: “حَـصَـب”، لقوله تعالى: “أنـتُم ومـا تعـبدون منْ دون الله – حـصَـب – جهـنّم”، الأنبياء 98.

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى