قد لا يعرفك أبناء الجيل الجديد جيّداً، لكنّنا نعرفك كثيراً. قد لا يحظى الوسط الفنّي في مصر شخصيّة أنيقة وخاصّة مثلك، لكنّنا نعرف أن التّاريخ لا يكرّر ذاته … ربما نملّ من استذكار فنانين أنهوا رحلتهم في الحياة وقرروا المغادرة إلى الأبد، لكن الواجب في قول ولو كلمة وداعاً هو أقلّ ما يمكن لنا فعله لهم، فرسالتهم تجبرنا بمحبّة كبيرة أن نكتب عنهم، ونستذكر تفاصيل أعمالهم، ونقول لهم مراتٍ ومرات وداعاً … وها أنت يا هشام سليم أصبحت من بينهم، وسقطت ورقتك الأخيرة، رحلت وفي البال الكثير من الذّكريات التي صنعتها في وجداننا العربي، فما أن بدأتُ بكتابة هذه الكلمات حتّى مَثُلتْ قُبالتي عشرات الشّخصيّات التي قمت بأدائها بين التّلفزيون والسّينما … فمن أخاطب من بينها؟! وهي عزيزة وغالية عليّ، وعلى ملايين النّاس من جمهورك في كلّ البلاد العربيّة …
ما زلتُ أذكر إطلالتك الأولى، على ما أظن، مع القديرة فاتن حمامة في فيلم “امبراطوريّة ميم”، ذلك اليافع الذي ترك أثره الجميل في ذاكرة السّينمائيين، وبعدها عشرات وعشرات الأدوار التي لن تُنسى … إلا أن (عادل البدري) حظي بالضّوء أكثر، بشهادة عديد من النّقاد، عادل “ليالي الحلميّة”، وما أجمل هذه الشّخصيّة! لا يمكن لأحد أن ينسى ابن الباشا، الذي شارك في حرب أكتوبر 1973، ابن نازك السّلحدار، فقد عاش بيننا حقّاً هو وكثير من شخصيّات ذلك المسلسل …
اليوم نقول وداعاً لهشام سليم، لكنّك ستبقى الأثر الطّيّب في الدّراما المصريّة والعربيّة، ستبقى ربيعاً ممتعاً في خيالنا، وذلك الخريف الدّافئ لولا جولة المرض المؤلم، وقد أجبرتنا على وداعك إلى الأبد …
سنبقى نذكر ونردد معاً يا هشام:
ومنين بيجي الشّجن من اختلاف الزّمن
ومنين بيجي الهوى من ائتلاف الهوى
ومنين بيجي السّواد من الطّمع والعناد
ومنين بيجي الرّضا من الإيمان بالقضا …..
الرّحمة والمحبّة للرّاحل هشام سليم …
