أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأالمقالات عامةبقلم رئيس التحرير

نهاية العالم

رئيس التحرير: عامر فؤاد عامر

سيأتي يومٌ يُساق فيه البشر كالخراف، قطيعاً تلو الآخر، تتحوّل فيه أدمغتهم إلى “كودات”، وشيفرات، يتحرّكون كما يهوى الرّاعي، وكما يريد، مشلولي الإرادة لا يعلمون أين يتّجهون ولماذا؟!

إنّها نهاية العالم

اقترب الوقت أم ابتعد قليلاً! إنّه وجه الاستعمار الحقيقي الجديد لمستقبل الإنسان! وهل تظنّون أن الانفتاح على العالم الافتراضي هو فقط كرمى عيون المعرفة، ولأجل العلم والبحث وكفى؟! هل تعتقدون أن وسائل التّواصل الاجتماعي، والاعتياد عليها، هي فقط لأجل استثمار الشّركات الكبرى ومصالحهم في عالم الاقتصاد والمال؟!

انتبه أيّها القارئ

واعلم إن التّطوّر محفوفٌ بالمخاطر، ووقوع الكارثة بات قريب جدّاً. الاستعباد الجديد والسّيّطرة على النّاس هو الهدف، وهو ما تريده فئة قليلة من أولئك المجرمين، هم يسوقون حياتكم باسم العلم والتّطوّر والتّقنيّات. علم البرمجة وكلّ التّحديثات اليوميّة المنشغلين في خلقها وابتكارها؛ ما هي إلا وسائل ليدخلوا بيوتكم مقنّعين باسم العلم والحضارة، إلا أنّ الهدف الأساسي لديهم هو السّيطرة وتكبيلكم بأصفاد افتراضيّة.

نهاية العالم

بل تكبيل أطفالكم، وزرع مفاهيم تلغي العلاقة مع فلذات أكبادكم! سيأتي اليوم الذي لن يسمح الابن فيه بأيّ تدخلٍ من والديه، فنتيجة غوصهم في العوالم الافتراضيّة هي اصطيادهم جميعاً، وليس تسليتهم أو تعليمهم، بل تقييدهم وانتزاعهم من البيوت انتزاع اللؤلؤة من صدفتها، ليقولوا طائعين قانعين: حاضر، وكما تودّ، وكما تريد … لكن ليس لوالديهم أو لرؤساء عملهم بل لأولئك المجرمين المحترفين!

لاحظوا

عندما يبقى المرء على سلوكٍ اعتياديٍّ سنواتٍ عديدة ثمّ يُحرم منه فجأةً، سيشعر بعدها بفراغٍ ولن يعرف كيف سيملأ وقته لا سيّما وأنّه لا يتقن شيئاً من المهارات الأخرى اليدويّة أو الذّهنيّة، فقد انغمس كثيراً في العالم الافتراضي، وسيكون العالم الحقيقي أمامه عقبةً قاسية، وهنا تبدأ التّنازلات أمام العرض الكبير الذي يمكن أن يكون، والذي يحضرونه لكم وللأجيال القادمة!

إذاً

يمكننا إطلاق العنان للمخيّلة والتّفكير معاً، ونودّ أنّ نطرح التّساؤل التّالي، لماذا يرتبط رؤساء شركات مواقع التطبيقات: “فيسبوك، انستجرام، لينكد إن، تويتر….” بأجهزة المخابرات في كلّ دولة من دول العالم التي تسمح لهذه التّطبيقات بالتّداول بين أفرادها؟! لماذا كلّ تطبيق يطلب المعلومات الشّخصيّة من المستخدم ويطلب تحديثها كلّ حين؟! ولا ننسى العبارة التي روّج لها كثيراً في وصف شابكة الإنترنت العنكبوتيّة بأن: “العالم أصبح قرية صغيرة”. إن كلّ ذلك ليس إلا تمهيداً فقط للسّيطرة والعبوديّة، وليست إلا تخديراً للأدمغة.

نهاية العالم

تبدون محظوظون في امتلاك فضاءٍ معرفي، يُقدّم لكم المعلومة خلال أجزاء من الثّانية في أيّ مجالٍ تريدون، وعبر عمليّة بحث بسيطة، ولكن هل تعتقدون بأنّ هذا الانفتاح سيكون دائماً ومتاحاً لجميعكم في المستقبل؟! إن الأمر مرهونٌ بالزّمن، وقد لا يكون زمناً بعيداً، إذّ سيتمّ فصل الناس عن بعضهم البعض، كأنّ تأتي (سحابة افتراضيّة) للشخص صاحب الطّلب، بعد أن يدخل “كوده” الخاصّ، فتأتي إليه فقط، وضمن مدّة محدّدة، تمنحه ما يريد من معلوماتٍ له ضمن اختصاصه هو فقط.

إنّ كلّ إنسان منكم

سيكون مربوط بـ”كود” معيّن، يحوي معلومات شخصيّة، والمستوى العلمي الحاصل عليه، وغيرها المزيد من المعلومات، ويبقى الأمر مرهوناً في الشّركة العلميّة المسيطرة على هذه (السُحب الافتراضيّة)، فهي من يسبر البشر في مدى تطوّرهم، وذكائهم، وتفرز الأذكياء عن العباقرة عن المتطوّرين فكريّاً، عن النّاس العاديين، وكلّ الشّرائح الأخرى.

بذلك يتمّ فرزكم

ويتمّ فصلكم عن بعضكم البعض، فأنتم جماعات لكنكم أسرى، لا حول لكم ولا قوى، لتكون المعرفة سلاح بيد أسياد الحرب، فهناك ما يجب أن تعرفونه وما يجب ألا تعرفونه، وفيما مضى كان الإنسان موزّع النّفوذ في بقاع الأرض، أمّا اليوم وغداً سنرى عصبة تسيطر على كلّ البشر!

نهاية العالم

ريتنغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى