مَن مِن الزوجين على صواب؟
هل حقيقة العلاقة بين المرأة والرّجل تقوم على صراع يخترعه أحد الجانبين أم أنّ الأمر يتعدّى ذلك؟ هل هناك من أسباب تخلق ذلك الخلاف بين الرّجل والمرأة؟ هل من طرائق يمكن من خلالها للرّجل والمرأة أن يتفهّما ما يمتلك الواحد منهما وما يمتلك الآخر للسّير إلى حياة هادئة؟ هل يمكن أن يكون الهدوء علامة جيّدة للحياة؟!
ما الحقيقة؟
المرأة تتّهم الرّجل، والرّجل يتّهم المرأة، وقليلة هي الدّراسات العلميّة الحقيقية التي تدخل في جانبين مهمّين جانب البيولوجيّا والجانب النّفسي.
في أثناء تنقيري قرأت لـ”آلان وبربارا بيز” كتاباً مهمّاً، ترجمه الموسيقي السّوري الكبير غزوان زركلي بعنوان معارك قيس وليلى، في هذا الكتاب يعرض المؤلّفان لحقيقة المعارك بين المرأة والرّجل من خلال دراسة علميّة استقصائيّة، لفت انتباهي ما يأتي به الكتاب من بساطة أمثلة للتّعبير عن الخلاف، بل إنّ المؤلّفين يضعان أحياناً نماذج من واقعهما، فيقولان:

“دُعي “آلان وباربارا” إلى حفل كوكتيل، وكانت “باربارا” قد اشترت ثوباً، أرادت أن ترتديه لتظهر فائقة الأناقة، أمسكت “باربارا” بيديها زوجين من الأحذية أزرق وذهبيّاً، وأرتهما لـ”آلان” سائلةً إيّاه السّؤال المخيف: “حبيبي أيّ الزّوجين الأكثر تناسباً مع ثوبي؟”
ارتهب “آلان” للسّؤال لأنّه يعرف ما وراءه، تلعثم: “الزّوج الذي يعجبك أنت يا حبيبتي”.
“قل شيئاً “آلان” هيا” قالت “باربارا” نافذة الصّبر: “الأزرق أم الذّهبي؟”
أجاب “آلان” متردّداً: “الذّهبي”
“ما الذي يزعجك في الزّوج الأزرق؟” سألت هي: “لم يعجبك هذا الحذاء منذ اشتريته على الرّغم من أنّني دفعت ثمنه مبلغاً طائلاً”.
بعد هذا الحوار يقولان معاً:
“غالبية النّساء ستدّهشهم إجابة الرّجل إن كانت مدروسة، مثلاً أن يقول لها إن سألته أيّ الزّوجين ألبس، يقول لها أيّ زوج ستلبسين اليوم يا حبيبتي أنت؟ لأنّهن يعرفن أن الرّجال يفصحن بسرعة وبصراحة عن آرائهم، لقد فكّرت بأنّني سأرتدي الحذاء الذّهبي، تقول، ستجيب المرأة، هي قرّرت فعلاً أن ترتدي الحذاء الذّهبي، لماذا الذّهبي؟ على الرّجل أن يسألها، لأنّني أضع حليّاً ذهبيّة وثوباً مزيّناً بخيط ذهبي. الرّجل الحاذق سيقول قرارك هذا عظيم جدّاً، ستبدين رائعة بالتّأكيد، حقيقة رائعة، تعجبيني هكذا”.
يختمان: “يمكن للّرّجل أن يكون واثقاً هنا من أنّ أمسية جميلة ستكون بانتظاره”.
هذا مثال وأمثلة كثيرة في الكتاب تعتمد على دراسة تشريحيّة بيولوجيّة تشرّح آليّات التّعامل الحقيقي بين المرأة والرّجل، فهي لا تقوم على الضّدّيّة وإنّما تقوم على اختلافات في المراكز الدّماغيّة، تجعل كلّ واحد منهما يفكّر بطريقة مختلفة عن الآخر، إذا ما قمنا نحن بدراسة الشّخص الآخر من البداية ألا يمكن أن نتجنّب الصّدامات؟
يقولان: “أنّ المرأة من اللّقاء الأوّل تستطيع أن تحدّد مدى مقاومة الرّجل ومدى قدرته على الصّمود أمامها، فهل يعرف ذلك؟ وهل يقدّر أنّها من تحدّد المفاتيح من خلال رؤيتها البصريّة التي يقف عندها الكتاب؟ ويقول إنّها ترى من زوايا لا يراها الرّجل، وإنّها ترى بزوايا لا يستطيع الرّجل أن يكتشف أنّها نظرت من خلالها” .
يقولان معاً: “المرأة تنظر وتحدّد ولا تُكتشَف نظرتها، والرّجل ينظر ولا يحدّد ويُكتشَف كلّ ما ينظر إليه”.

الأمر لا يتعلّق بصراع بين الرّجل والمرأة بين قطبين، البيولوجيا هي التي تحدّد، المراكز الدّماغية هي التي تحدّد لذلك نجد كما يقول الكتاب أن المرأة يمكن أن تتحدّث وتسمع الموسيقى وتقرأ في الوقت نفسه، بينما الرّجل لا يستطيع أن يفعل ذلك إلّا إذا ألغى وظيفة من الوظائف.
معقدة هي آليات التّعامل بين يوم وآخر، بل إنّ البيولوجيا والفيزيولوجيا عند المرأة والرّجل لها أيّام محدّدة يجب أن يتمّ التّعامل فيها وفق هذه البيولوجيا، إنّه عالم من الصعب أن ندركه إذا ما أخضعنا أنفسنا لأهوائنا الآنيّة من دون أن نكون قادرين على الدّخول في العلم والتّلافيف.