كم نزداد أملاً عندما نرى تفوّقاً للفنّان السّوري في المهرجانات العربيّة، وكم نشعر بالفخر عندما تتردّد الأصداء حول فوز ممثلٍ جديرٍ بالفوز بين كلّ الممثّلين العرب، وهل أجمل من التّقدير عندما يحّل في مكانه ولشخصٍ يستحق ذلك فعلاً مثل موفق الأحمد؟!
الفنّان القدير (موفق الأحمد يفوز بجائزة أفضل ممثّل في مهرجان قرطاج السّينمائي)، قد أحيَتْ فينا هذه الجملة الكثير من الفرح والأمل والسّرور، عندما قرأناها عبر صفحات التّواصل الاجتماعي، وعندما سمعناها عبر وسائل الإعلام كافةً، لأنّ “الأحمد” فنّان حقيقي بكلّ ما تحمله الكلمة من معنىً، وهذا أوّلاً، أمّا الأسباب التّالية فهي كثيرة، وأهمّها أنّ مثل هذا الفنّان لا ينسحب الوصف السّائد عليه في الرّكض خلف الضّوء، ولا يلتفتُ إلى مغريات الشّهرة الزّائفة، ولا يلقي بالاً لإتقان وسائل التّعامل مع المُنتج وصاحب العلاقات الواسعة؛ كما فعلت عدّة أسماءٍ من قبل، واصطفوا في أرقام النّجوميّة التي لا تثمر ولن تثمر لولا العلاقات والتّصدير الفارغ!
لطالما أشرنا بأنّ هذا الفنّان – موفق الأحمد – يليق به الاهتمام والتّكريم من قبل صنّاع الدّراما والمهتمين بهذا الشّأن، ويا ليت الجائزة كانت من بلدنا أوّلاً، لكن لا مشكلة فالمعدن الثّمين يبقى على إشعاعه سواء كان في دمشق أو تونس أو أيّ بلدٍ عربيٍّ أصيلٍ آخر، ومهما طال الوقت لا يصحُّ إلا الصّحيح …
“الطريق” عنوان الفيلم الذي كان الأستاذ موفق الأحمد واحد من أبطاله، نرجو أن يكون هذا الطّريق هو الإشارة التي تذكّرنا بكلّ فنّانٍ يحمل مخزوناً ثقافيّاً وأدواتٍ حقيقيّة. صاحب الصّوت الرّخيم؛ موفق الأحمد، الذي أنجز يوماً أكثر من ثلاثين شخصيّة في فيلمٍ كرتوني من دون أن يعلم المتلقّي أنّها كلّها دُبلجتْ بصوته! هو من قدّم أوّل “مونودراما” إذاعيّة في العالم العربي، كذلك جسّد شخصيّة الأخرس إذاعيّاً بطريقةٍ لافتة، ولن ننسى صوته أوّلاً في إذاعة الشّرق من باريس، وفي عالم الدّوبلاج، والوثائقيّات، والإعلانات، وغيرها الكثير، فكان أستاذاً وما يزال في تدريس مادّة الصّوت والإلقاء الصّوتي …
موفق الأحمد مبارك لك هذا الفوز، ومبارك لكَ هذا الألق، فأنتَ في المكان الذي تستحق، ولا بدّ أنّها واحدة من بداياتٍ كثيرةٍ تليق بك أيّها المعلّم …
