أحدث المقالاتمواهب واعدة

مغتصباً ابنته مدّة ربع قرن! .. والحصيلة سبعةُ أبناء !!!

سماح الحمادي مغتصباً ابنته مدّة ربع قرن

مغتصباً ابنته مدّة ربع قرن

استكمالاً لبوحي الأخير بعمومِ مقالة باريس المُفجعة، ومشاعري التي اندثرت وقائعها على مستهلّ الورق،
لربما شعرتم للحظاتٍ بفورة ما، إذ كان بداخلي من الخوف، والفجع، والهلع، الشّيء الكثير، فأن تكون بمثابةِ مرسالٍ للتّوعية،
وكشف الحقائق، ليس بالمهمّة السّهلة أبداً.
فلقد أعادت واقعةُ باريس لذهني حادثةً، استغرقت من سكان بلدتها فترةً طويلةً لاستيعابها وإدراكها،
مع ملاحظة أن مثل هذه الفضائح إذا خرجت من مجتمعاتنا فإنّها غالباً ما تجابه بالتّعتيم، والصّدّ، لدرجة أن أهل المنطقة التي خرجت منها الواقعة لا يعرفون بها وبتفاصيل مجرياتها،
لربّما بسبب الخوف من الفضيحة وما يتلوها من عواقب مؤلمة لا سيّما من المجتمع نفسه.
وصلبّ ما قد عاد لذهني من واقعةٍ تتحدّثُ عن الأبوّة غير المستقيمة، فكم من فتياتٍ بيننا ضحايا للتّلبّس الأبوي المُفجع بصمتٍ لا تعلوه حرقة. وربّما لاختلاف أُسس، وأعراف الفطرة البيتيّة أسباب كثيرة،
فمن يجزّأ الفطرة عن التّعايش لا بدّ أنهُ أعمى البصر والبصيرة، لأن معاقل الأصول لا تنحدر إلا عن أسلافٍ بمآثر عميقة.

استعيد هنا حادثةً وقعت في النمسا، وهب حقيقةً حادثة قاسية، فقبل خمسة وعشرين عاماً،
حيث الشّمس مكفهرةً في بهّوِ بيتٍ يكاد أن يتحوّل لخرابةٍ، والظلام يتكاثفُ في معظم ساعات النّهار،
بمعادلةٍ لا تحقّق لقاطنيهِ تكافُئاً سويّاً، ترى المياه تنشلها الجدران، من شدّة الرّطوبة، سيلاً ورائحةٌ تبايع المرض شراءً تنتاب أجزاء المكان،
وفتاةٌ متكوّرةٌ على نفسها في ركنٍ منه، تناجي ضوء النافذة البعيدة نداءً يصلُ بها لعداد من هم في السّماء.

مغتصباً ابنته مدّة ربع قرن

“إليزابيث” التي تعرّضت للاغتصاب لأكثر من خمسةَ وعشرين عاماً

في بهو بيت والدها، الذي كان هو من يعتدي عليها جنسيّاً، أنجبت منه سبعةُ أبناء من دون إثارة ريبة الشّرطة أو الجيران.
كان والدها بالنّسبة لها بمثابة الرّصاصة القاتلة لفتاة،
بل شيطاناً قتل بداخلها معاني الحياة الجميلة، وشوّه في جسدها كلّ ملامح الإنسانيّة.

“فريتزل” الذي اعترف اعترافاً كاملاً بالوقائع، بعد أن حاصرته التّهم بذرائع لا تُغتفر، أقرّ أخيراً بأنه جهّز مِساحةً في قبو البيت عازلةً للصوت، احتجز فيها الابنة، وذلك في “امتشيتن” شرق النمسا.

حيث أُسدلت السّتارة عن المأساة بعد تَعَرُّضِ أحد الأبناء الموجودين في البيت لمرضٍ، لم يستطيع من خلاله المجرم تفاديه،
حيث ما أن نُقل الابن لمستشفى البلدة حتى انطلقت شرارة الخلاص، لكشف الحادثة،
إذّ طلب الأطباء حضور الأمّ لمحاولة تشخيص المرض، وأعراضه، فأدعى الأب أنها مفقودةٌ منذ سنين،
وأن الطفل حفيدهُ الذي تركته والدته أمام البيت، قبيل ولادته برفقةَ رسالةٍ مفادها لا أستطيع أن أربي طفلي،
ولم يصدّق الأطباء ادعائه، الأمر الذي جعل الشرطة تكتبُ تقريراً يسمح بتفتيش مكان إقامة الأب، وعند التنفيذ كُشِفَ المستور.

وجدت الشّرطة حينها بهواً مغلقاً ببوابة إسمنتيّة وباب يُفتح برمز إلكتروني لا يعرفه إلا الأب المجرم،
وتمّ نقل الأم والأبناء السّتّة للمستشفى لمراقبتهم في الوحدة النّفسيّة، لتنتشر الفضيحة بتفاصيلها المؤلمة في كلّ أرجاء البلاد بعدها.

لو وضعنا الآن نقطةً لنهاية هذه المأساة، فماذا نستنتج؟

وكم من قصّةٍ شبيهةٌ سمعناها تأتينا من كلّ الاتجاهات تتشابه بمحور ما نتحدّث عنه؟
ومن دون أن تبدي أيّة شجاعةٍ في الحديث عنها أو نشرها للنّاس!
لا ألومك مطلقاً، فحالك حال الكثير من إعلامنا العربي الذي يُرفق صورة المتحرّش أو المجرم بغباشةٍ ما، كمحاولةٍ للتّستّرِ عنه لا فضحه، فقد يتساءل قارئٌ الآن، لماذا قد أعدتُ سرد حادثةٍ كهذه قد تجاوزتها السّنين الأخيرة؟

وأقول بكلّ وضوح لقد سردت كلّما جاء هنا وقبلها، حتى أتمكّن من فتح ذهنك على قصص في مجتمعنا باتت كثيراً منها متعلقاً ربّما بجارك ، أو صديقك أو فرد من أفراد عائلةٍ تخصّك،
فلا تتردّد بأن ترى بعينٍ جيّدة، وببصيرة نافذة، فمعاني التّحرّش اليوم لم تعدّ متوقفة على الغرباء، والجيران،ومُنتَقَصِي الأخلاق والفكر،
بل توسّعت لتشمل الفرقة الأولى من العائلة!
وبدأت الحياة تضيق أكثر فأكثر معلنةً خطراً فادحاً بمعاني التّعايش ضمن معاقل العائلة الواحدة،
ولا بدّ أن الوعي اليوم يُلزمنا بأن نلفت الأنظار لكلّ حادثة غريبة، نراها أو ننشكّ فيها فنتابعها لنتأكد ما وراء الكواليس،
والمطلوب منّا اليوم الكثير من المهام والمسؤوليّات بعيداً عن التّساهل والالتزام بشؤوننا الخاصّة فقط.

يتبع …

مغتصباً ابنته مدّة ربع قرن

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
1 تعليق
الأحدث
الأقدم الأكثر تصويت
Inline Feedbacks
عرض كل التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى