معن دويعر: السينما ليست طارئة على السويداء بل محفورة في ذاكرة الأجيال
تمثّلت أهمّيّة مهرجان السّويداء للأفلام القصيرة بإحياء ذاكرة متلقي نوعي عاش مع السّينما عقوداً …

لن نقول عبارة (على هامش المهرجان) التّقليدية الوصف، بل من قلب المهرجان كان لُقانا، مع المخرج معن دويعر، وهو أحد أعضاء مهرجان السّويداء للأفلام القصيرة – الدّورة الخامسة، دورة الرّاحل نضال سيجري، وبكلّ ترحاب تلقى الأسئلة، وكانت هذه الإجابات عبر منصّة ريتنغ …

ماهي ضرورة وجود مهرجان سينمائي في محافظة السّويداء؟ وما أهمّيّة مشاركتك في لجنة تحكيم أفلام المسابقة؟
تكمن أهمّيّة مهرجان السّويداء للأفلام القصيرة؛ في دورته الخامسة، بإحياء ذاكرة متلقي نوعي عاش مع السّينما عقوداً طويلةً من الزّمن، هو جمهور السّويداء، العاشق للفنّ والإبداع عموماً وللسّينما بشكلٍ خاصّ.
السّينما التي تعلّق بها الصّغير والكبير، التي كثيراً ما شغلت أحاديث النّاس، ونقاشاتهم حول ما عُرِضَ وما سيُعرض، وطالما احتضنت المضافات جلساتٍ واعيةٍ مثقفةٍ، تقيّم بشكلٍ عفويّ القيمة الفنّيّة والفكريّة للأفلام، التي كانت تُعرض في ثلاث دور للسّينما في السّويداء.
كثيراً ما اكتظت بشغف المتابعين والرّوّاد على مدار السّاعة، فالسّينما ليس طارئة على السّويداء، هي محفورة في ذاكرة الأجيال، ومغزولة في جينات أبنائهم، وهذا ما يُحمّل المهرجان والقائمين عليه؛ مسؤوليّةً كبيرةً في الاختيار، والبحث عن جودة ونوعيّة ومضامين الأفلام، التي عُرِضتْ في مسابقة المهرجان، ويسجّل لإدارة المهرجان، وعلى رأسها الأستاذ عصام الدّاهوك، نجاحهم بتكريس المهرجان ليصل لدورته الخامسة، على الرّغم من كلّ الصّعوبات والمعوّقات المادّيّة واللّوجستيّة، ليغدو سنويّاً في موعدٍ ثابتٍ محافظاً على تطوّره، وخطّه البياني المتصاعد، من حيث التّنظيم والقيمة الفنّيّة لما يعرض، وانفتاحه على تجارب عربيّة عديدة أغنت المهرجان.

أشكر إدارة المهرجان على ثقتهم في اختياري عضواً في لجنة التّحكيم، حيث أتاح لي ذلك فرصة الاطلاع على مجموعة كبيرة من الأفلام، احتاجت مشاهدتها الكثير من التأنّي والمسؤوليّة، بمتابعة التّفاصيل بدقّة، حيث يحتاج تقيمها الدّراية والمعرفة لخصوصيّة تلقي اللّغة، التي تحمل الكثير من الرّموز والدّلالات.
كنت سعيداً بهذه التّجربة الغنيّة، تعلّمت منها الكثير، خاصّة من النّقاشات والحوارات اليوميّة، التي جمعتني مع زملائي في لجنة التّحكيم، قامات فنّيّة وإبداعيّة، لها تاريخها: الأستاذ جهاد الزّغبي، والأستاذ مروان فرج، والأستاذ عامر عامر، لهم كلّ الاحترام والتّقدير.
أتجد أنّ المرحلة الرّاهنة تخدم مثل هذا النّشاط وترفع من مقدّراته، سيّما وأنّ الظّروف الحاليّة تعجز بالنّاس في البحث عن أساسيّات العيش الضّروريّة؟
ربّما يَعُدُّ البعض أنّه في ظلّ الظّروف الصّعبة؛ وخاصّةً المعيشيّة، يغدو الفنّ حاجة كماليّة ورفاهيّة، وتبقى الأولويّة لصراعات الحياة اليوميّة.
أقول: إنّ الإبداع بصنوفه هو النّاهض والمخلّص، وأنّ الشّعوب عبر التّاريخ وبكلّ ما مرّت به من حروب وكوارث ومآسي؛ كان الفنّ والإبداع محاكياً لكلّ معاناتها، ورافعاً لتطلّعاتها، وحاملاً لفكرها، لتغدو حرّةً كريمةً، وكما أنّ المكتبة العالميّة للمسرح والسّينما ذاكرة خالدة عبر الزّمن، وثّقت أحداثاً عظيمة، بلغة فنّيّة جماليّة، حفرت في جدران الذّاكرة، ولن تُمحى، مواكبةً بقوّةٍ كتب التّاريخ، والتّوثيق، وربّما تكون أقوى تأثيراً وتأثّراً.

بماذا تنتقد دورة المهرجان الحاليّة؟ وماذا تتوقّع للمهرجان في دوراته القادمة؟
كان المهرجان في دورته الخامسة جيّداً، وحقق تطوّراً ملحوظاً، ونتمنّى في المهرجان القادم العمل على بعض النّقاط التي يمكن أن تمنح المهرجان تألّقاً وازدهاراً:
١- توثيق الدّورات السّابقة في نشرات وكرّاسات تُوثَّق من جهة، وتتابع تطوّر المهرجان، وتحدّد نقاط الضّعف لتلافيها.
٢- العمل على الجانب الإعلاني والإعلامي للمهرجان.
٣- البدء مبكراً بالتّحضير للمهرجان القادم، والاستعانة بأصحاب الاختصاص، والخبرات للاستفادة من تجاربهم.
٤- إبقاء باب المشاركات لفترة زمنيّة طويلة.
٥- عدم الاكتفاء فقط بالإعلان عن المسابقة، وتلقي المشاركات، بل السّعي للتّواصل مع الأصدقاء من الفنّانين في الوطن العربي والعالم، لاستقطاب الأفلام المتميّزة، علماً بأنّ الكثير من المبدعين السّوريين؛ الذين يعملون في مجال السّينما، خارج سوريا خاصّةً، يدرسون السّينما ويشتغلون عليها.
