مساحة وعي (9) … الخطاب الدّيني الذّكوري؟ فالج لا تعالج
د. مأمون علواني في حوارٍ خاص مع د. فاطمة أحمد

حوار حول المفكّر فيه والمسكوت عنه مع د. مأمون علواني- الرّئيس التّنفيذي لشركة “ريتينغ برودكشن”.
د. مأمون ما هو الحلّ الأمثل الذي يضمن العدل والاحترام بين الذّكر والأنثى في مجتمعاتنا العربيّة؟
الحلّ هو إعادة “فرمتة” العقل الجمعي الذّكوري في البلاد العربيّة خاصّةً، والبلاد الإسلاميّة عامّةً. إعادة “الفرمتة”، أيّ يجب إخراج المرأة من حكومة الذّكر. فالذّكر يتحكّم بالأنثى منذ ولادتها. يتحكّم بكيف تأكل وكيف تشرب وكيف تمشي، وهو الذي يقرّر ما العيب وما الحرام. وهو نفسه للأسف الشّديد في بلادنا، يتعامل مع البنت ويدلّلها في مرحلة طفولتها بأسلوبٍ مختلفٍ عن الاهتمام بالصّبي.
الذّكر، منذ البداية، يحرم الأنثى من حقوقها فكيف سيتمكّن من احتوائها، ورعايتها، وتقوية شخصيّتها في الأرض؟! مع أنّنا لو عدنا لكلّ الثّوابت في العلوم والمعارف كلّها سنجد أنّ المرأة أكثر تقدّماً من الرّجل. وصدّقيني أجد نفسي محرجاً لقول هذا، والدّفاع عن بدهيّة حقيقيّة وواقعيّة، وليست وهميّة إنّها مثل وجود الأوكسجين في الهواء تماماً. المرأة ليست نصف المجتمع بل أكثر من ذلك، ولكن الذّكر لا يعترف بذلك فيأمرها وينهيها عن فعل كذا وكذا. إنّها مخلوقة يفترض أن تأخذ حقوقها الكاملة كما أنّ الذّكر يأخذ حقوقه الكاملة. لذلك أشدّد على فكرة عدم حصول أيّ تغيير إن لم يحصل تغيير للعقل الجمعي العربي و”فرمتة جوّانيّة” له.

لقد حصلت تغييرات وتطوّرات في مختلف المجالات من العلوم والتّكنولوجيّا والاقتصاد، فقد تحوّل كلّه إلى بيكسلات، وإلكترونيّات، وديجيتال، إلّا العقل الذّكري الذي يسيطر على الخطاب الدّيني بقي على حاله ولم يتغيّر إلى الآن، فهو ما يزال متخلّفاً وجاهلاً ويرمي كلّ أخطائه على المرأة. وما يزال موضوعان اثنان يشغلانه هما: منطقتا “الصدر والحوض” مسيّطران على عقل الذّكر المليء بالعقد. إذا كنت تراها شريكة مهمّة في حياتك، فاهتمّ بها وتفهّمها، وامنحها حقوقها، ولا تظلمها أو تقهرها. لماذا تواصل في القهر المستمر تجاه هذه المخلوقة اللّطيفة؟ إنّها نعمة ربانيّة يجب عليك أيّها الذّكر المحافظة عليها. الأنثى أجمل مخلوقات اللَّه على الإطلاق، وآخر إبداعاته في الخلق. ولم تخلق من ضلع الذّكر كما يتم نقله ويشاع. هذا هراء لا صحة له. إنّ اللَّه خلقها مثلما خلق الذّكر وقد أبدع في خلقها، ولكنّ الخطاب الذّكوري أبعدها عن مكانتها وهمّشها وأخافها وحرّمها وقهرها كي تصبح مثل العصفور الذي يُربى في القفص ما إن يخرج من القفص لن يستطيع العيش حرّاً.
هل تعتقد بحصول تغييرات لصالح المرأة في المستقبل القريب؟
ستتعلّم المرأة الطّيران والتّحليق شيئاً فشيئاً، وستثبت للجميع، والإثبات هنا ليس على مستوى القدرات أو الكفاءات أو الشّهادات أو الجوائز الموجودة عندها، لأنّها أثبتت جدارتها أكثر من الذّكر فكريّاً ودراسيّاً، بل على مستوى تركها وشأنها كي تقود حياتها بنفسها من غير تحكّم الذّكر فيها سواء في البيت أم المهن أم أيّ مجال تريده.
