مساحة وعي (3) حوار مع د. مأمون علواني … سيادة الغوغاء
د. مأمون علواني في حوار خاص مع د. فاطمة أحمد

نستكمل حوارنا عن المفكّر فيه، والمسكوت عنه؛ مع د. مأمون علواني – الرّئيس التّنفيذي لشركة “ريتينغ برودكشن”.
بعد خروج الإنسان من المملكة الحيوانيّة، وامتلاكه العقل، لماذا انحرف عن المنهج القويم، وأصبح يتّجه نحو البطش والفتك؟
نعم إنّ الإنسان قد امتلك العقل، ولكنّه امتلك على عدّة تطبيقات أيضاً، ومنها تطبيق الشّهوات، غير الموجود عند بقيّة المخلوقات، فالإنسان لا يمتاز عن الحيوان بالعقل وحده، بل بقواه الشّهويّة، فتجدين كيف أَنّ الحيوان يأكل، ويشرب، ويفترس، ويمارس الجنس، غريزيّاً من أجل استكمال دورته الحياتيّة في الأرض، على عكس الإنسان المزوّد بتطبيق الشّهوات، والحائز على رصيد أكبر، أيّ “عدد الغيغات عنده مرتفعة”، وهي موجودة وفق قوانين معيّنة، وقد منحه اللَّه الإرادة، وحقّ الرّفض والإيجاب، والمعصية والطّاعة، فيقول: نعم أو لا.
إنّ الغرائز الفطريّة موجودة عند الحيوانات، لا تحتوي على معانٍ كما هي عند الإنسان، كالحسد، والطّمع، والأنانيّة، والجشع، في حين أنّ الشّهوات عند الإنسان تثير عنده الأطماع، والرّغبة في الزّيادة، لتحقيق طموحاته الخاصّة به، وعندها تكثر أسئلته: لم فلان ثري أو لماذا يملك مالاً وجاهاً أكثر مني؟ وغيرها من التّساؤلات، التي تعكس غيرته، لذلك نجد أنّ النّواقص التي تهدم القيم الإنسانيّة مثل البخل، والتّسلّط، والتّحكّم بالآخر، وحبّ التّملّك، موجودة عندنا نحن أبناء آدم، وهي موجودة في التّطبيق الأوّل في الرّأس، وذلك بعد ازدياد عدد “الغيغات”.

من خلال مراقبتك لحال البشر ألا ترى أنّ العالم من حولنا تحكمه الغوغاء؟ كما أنّ القوّة تكون لها في السّيادة والسّيطرة؟ ما الحكمة من ذلك؟
نعم هذا ممكن، والسّبب يعود إلى المبالغة في الإفراط والتّفريط، إذّ عندما يزداد العلم يزداد الجهل أيضاً، وعندما يزداد الثّراء في العالم يزداد معه الفقر أيضاً، إلّا أنّ آليّة التّوزيع لا تكون متساوية وعادلة، فنجد أن 10بالمائة من سكّان المعمورة هم الأغنياء، ويحكمون باقي 90 بالمائة، والذين هم من الفقراء، وهذا قانون اقتصادي واضح، فمن يملك أكثر هو من يحكم الأرض.
تسألينني لماذا السّيادة للغوغاء؟ لأنّه ثمّة جشع وطمع وحبّ للسُّلطة ونازع بشري للاستبداد بالآخر، وهذا الاستبداد أو حبّ السّيطرة لا يكون إلا باتّباع سياسة العصا، وممارسة الحكم الفردي على الفقراء والمستضعفين، ولو كان سادة العالم من العلماء العادلين؛ لوجّهوا اهتمامهم نحو الرّعاية، والاهتمام، بالتّعليم وفق قانون العدل والمساواة، ولكان العالم ممتلئاً بالنوابغ والعباقرة والاعتماد عليهم في تكوين مجتمعات سليمة.
والشاهد واضح أمام مرأى أعيننا، انظري للدّول الفقيرة المعدمة، كيف أنّ شدّة عوزها خلقت أشكالاً كثيرة من الجهل و الفساد، وللأسف الشّديد هذه العناية لا تكون بيد العلماء بل بيد رجال الديّن الذين يتحكّم بهم الأنظمة الحاكمة.
