أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأالمقالات عامة

مساحة وعي .. حوار أسبوعي حول المُفكّر فيه والمسكوت عنه مع د. مأمون علواني

د. مأمون علواني في حوار خاص مع د. فاطمة أحمد

مساحة وعي .. حوار أسبوعي حول المُفكّر فيه والمسكوت عنه مع د. مأمون علواني
الدكتور مأمون علواني

هذه الفقرة مخصّصة لأسئلة تدور حول الثّقافة والدّين والمجتمع،
وكلّ ما فيها من موضوعات وقضايا تبادرت إلى أذهاننا،
وفكّرنا فيها إلا أنّنا ارتأينا السّكوت عنها لأسباب كثيرة، وستكون هذه الأسئلة موجّهة للدكتور “مأمون علواني” الرّئيس التنفيذي لشركة “ريتينغ برودكشن” بهدف الوصول إلى إجابات مقنعة للأسئلة المقلقة التي ترافق الإنسان على الدّوام،
لعله يجد فيها نوعاً من الشّفاء لحالة التّشظي التي يعيشها مع العالم.

–  دكتور مأمون ثمّة سؤال يتبادر كثيراً لعقل الإنسان عندما يُذكر أمامه كلمة الموت، وهو عن الأجداث. فما هي الأجداث وكيف تفسرها؟

قد جاء ذكر كلمة الأجداث في القرآن الكريم، وهي تعبّر عن كيفيّة عبورنا من هذا العالم عبر الأجداث. وفي الحقيقة قد شغلني هذا الموضوع كثيراً، وكيف أنّنا سنعود في المستقبل بعد الموت، وفي جولة تفكيري العميق رأيت صورة لإحدى الأماكن الموجودة في أوروبا، والمزوّدة بعشرات الكاميرات، والتي يرتاد إليها الكثير من السّيّاح من أجل صنع تمثال مطابق لشكلك تماماً وبأحجام متفاوتة ووفق مواد معينة. قد أوحت لي هذه الصّورة كثيراً ووجدت اشتراكاً متيناً بينها وبين مسألة العودة بعد الموت، ونحن نعرف أن طرق الموت عديدة، وقد تكون أليمة وفظيعة.

وتوصلت من خلال التّفكير والتّأمل أن الرّوح لا تموت ولا تفنى ولا تنتقل فهي أشبه بخط موجود ودائم ومرتبط بخالقها، ولتقريب الفكرة لذهن القارئ يمكننا تشبيهها بخط الخليوي المتّصل بالشّبكة، فإن تحطّم جهاز الخليوي وتكسّر فلا يعني هذا أن الخطّ انعدم كليّاً، وكذلك الأمر إن بقي الجهاز غير مستعملاً لفترات طويلة فهذا لا يعني انعدام الخطّ فيه!

المبدأ ذاته عند المخلوقات، فعندما يقول الله تعالى: “يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرضُ غَيْرَ الأَرْضِ والسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ” (48 إبراهيم) أيّ إن أرواحنا لا تخرج من هذه الأرض، لكن الله يهيئ لها أرضاً مختلفة عن هذه الأرض التي نعرفها حيث تحتوي على مواد أو عناصر غامضة عنّا ولا نعرفها، وهي التي تمنحنا الخلود. والجسد الذي يذبل ويضعف ويشيخ ويموت ميتة فظيعة يتمّ استبداله بجسد آخر محفوظ في الأجداث أو العالم الآخر. وفي يوم القيامة يُنفخ في الصّور ويبعث في الأجداث، فتعود الرّوح المحفوظة إلى الجسد وتعود معها الذّاكرة وكلّ ما يتعلّق ببرمجة هذا الإنسان من عودة ذكرياته وأفكاره ومعلوماته كي تتمّ محاسبته على أعماله وسلوكيّاته.

مساحة وعي .. حوار أسبوعي حول المُفكّر فيه والمسكوت عنه مع د. مأمون علواني

إذا كانت الرّوح لا تنتقل بحسب وصفك دكتور مأمون، فهل هذا يعني أنّه لا توجد مكافأة أو عقوبة لها؟

علينا أن نفرّق بين معنى الرّوح ومعنى النّفس أولاً، “ويسألونك عن الرّوح. قلّ الرّوح من أمر ربي..”، وهي لا تنقطع ولا تنتقل، وبالتّالي لا تنتظرها عقوبة أو مكافأة، النفس هي التي تنقطع بموت صاحبها فكلّ نفسٍ ذائقة الموت، وعندما يموت الإنسان لا تموت روحه حتى لو اختفت الحياة في جسده. وقد بيّنا آنفاً آلية العمل بحسب وجهة نظرنا.

مساحة وعي .. حوار أسبوعي حول المُفكّر فيه والمسكوت عنه مع د. مأمون علواني

مسألة إشكالية أخرى تراود البشر، وتحتاج إلى تفسير وتوضيح، وهي مسألة عذاب القبر، فما رأيك؟

إن مسألة عذاب القبر حيّرت العالم الإسلامي، وقد تفاوتت الآراء بشأنها، وللأسف قد كان للخطاب الدّيني دوراً كبيراً في إحداث اللغط والبلبلة الحاصلة في هذه المسألة من حيث خلق حالة ترهيب وذعر تجاه القبر والعذابات التي ستلاحق الإنسان بعد موته. وهي أشبه بأسطورة تداولها الحكام القدماء لترهيب الضّالين، وقد استمرت هذه الأسطورة عبر الزّمن ليتمّ تدسيسها فيما بعد بين المسلمين، وذلك لغايات موبوءة.

قطعاً لا يوجد عذاب قبر، لم سيكون هناك عذاب لجسد لاقى الكثير من التّشويه والتّحلّل والتّفسّخ أثناء الموت؟ وكيف يتمّ تعذيب الإنسان في القبر، وهو لمّا يحاسب بعد من قبل خالقه على أفعاله؟! 

المسألة غير مقبولة منطقياً، لأنّ الله خلق الإنسان وبيّن له الحلال والحرام، وكلّفه بوظيفة معيّنة ضمن مدّة زمنيّة محدّدة، ووفق قوانين كونيّة محكمة الصّنع.

يتبع

مساحة وعي .. حوار أسبوعي حول المُفكّر فيه والمسكوت عنه مع د. مأمون علواني

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى