أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأالمقالات عامةمقالات عشوائية

مساحة وعي 8 … مثنى وثلاث ورباع!

د. مأمون علواني في حوار خاص مع د. فاطمة أحمد

حوار حول المفكّر فيه، والمسكوت عنه، مع د. مأمون علواني – الرّئيس التنفيذي لشركة “ريتينغ برودكشن”.

إذا كان الإسلام، كما يعتقد كثير من النّاس، هو “دين الفطرة” (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) – “سورة الروم آية 30″، فلماذا إذاً لا يريد البعض اتباع “فطرة اللَّه” كما جاءت في قصّة خلق آدم وحوّاء بأن جعل للرّجل زوجة واحدة وليس أكثر؟

أوّلاً هناك مفهوم خاطئ حول الإسلام، فالإسلام كلمة لا تعني أنّنا نحن المسلمون هم ذاتهم الذين تحدّث عنهم القرآن الكريم، والدّليل على ذلك سيدنا إبراهيم عليه السّلام؛ يحكي عن الإسلام والمسلمين، وهم ليسوا ذاتهم أتباع سيدنا محمد صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المسلمين.

الإسلام موجود قبل أن يخلق اللَّهُ المسلمين، ومعناه أن تسلّم بوجود الله، وتمشي على الصّراط المستقيم، والذي يعني ألّا تفعل المحرّمات الأربعة العشرة الموجودة في القرآن الكريم.

هذا هو الإسلام، إذاً أن تؤمن بوجود خالق واحد ويوم قيامة، هذا يعني أنّك مسلم سواء كنت مسيحي أم يهودي أم أيّاً كانت ديانتك، التي تؤمن بالله من خلالها إيماناً كاملاً.

مثنى وثلاث ورباع

عندما يقول اللَّهُ تعالى: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) “83” آل عمران.

هنا الإسلام يشمل كلّ المخلوقات، وقبل مجيء سيّدنا محمد، فالإسلام شامل لكلّ المؤمنين بِاللَّهِ وأنبيائه. أيّ أنّ ٨٠٪ من سكان الأرض هم مسلمون، ما إن يؤمنوا بوحدانية الله، أمّا بالنّسبة لسؤالك، وهو من أكثر الأسئلة ذكاءً ولا سيّما أنّ سيدنا آدم كان أكثر حاجة إلى تعدّد الزّوجات من أجل الإكثار العددي في الجنس البشري، ومع هذا لم يخاطبه اللَّهُ سبحانه، بالزّواج عدّة مرّات! ولكنّ الخطاب الدّيني الإسلامي، الذي يسيطر عليه المجتمع الذّكوري، يقوم باقتناص آية من الآيات الكريمة ليلبسها ما يشاء. أهمّ خطوة لصالحه هي وضع نصف المجتمع تحت ما يمكن تشبيهه بالمكواة التي تكوي المرأة، فمن أسهل الأمور بالنّسبة له هو الزّواج والتّعدّد فيه، وإهمال الزّوجة ورميها في الشّارع من غير إعطائها حقوقها.

ومن يقود هذا المجتمع الذي هو أشبه ب”قطيع الخراف” هو ١٥٪ من المجتمع الذي يفعلون أيّ شيء يخدم مصالحهم، لأنّهم معقدون!

يقول الله: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) “3” النساء. واليتامى هم الذين لا أب لهم، وقد جاءت (إنْ) الشّارطة هنا، كما تعرفين، لإيضاح فكرة إعطائهم حقّهم، ولا تعني هنا كلمة القسط العدل، بل هي إعطاء الحقّ لليتيم أو قسمته ونصيبه، أيّ إنْ خفتم ألا تعطوا اليتيم حقّه فانكحوا ما طاب لكم..، وكلمة “ما طاب” أيّ عن طيب خاطر منك ومنها، وعن عدم إجبار أو وفق أهواء الأهل مثلاً، ثمّ يأتي التّوضيح في تتمّة الآية: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا) وهنا يقول اللّه للذَّكر إن لم تستطع إعطاء الحقّ لليتامى فحصراً واحدة.

وهذا يعني أوّلاً أنّ الزّواج من مثنى، وثلاث، ورباع، بالضّرورة هو من أمّهات الأيتام.

مثنى وثلاث ورباع

وثانياً القدرة الكاملة على إعطاء الأيتام حقّهم، فعندها لا بأس من أن تجمع بين مثنى، وثلاث، ورباع، وهنا يأتي دور العدل بين الأيتام لا بين الزّوجات، فاللَّه عزَّ وجلَّ قد حسم الموضوع، وقال: لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النّساء ولو حرصتم.  ولذلك يا أيّها الرّجل إن لم تتمكّن من إقامة العدل بين الأيتام، فيكفيك واحدة، أو ما ملكت أيمانكم، ومعناه: ما كتب عليك من عقود، أيّ لم تتزوّجها على الميثاق الغليظ… (سيتم شرح وتفصيل الميثاق الغليظ في إحدى المقالات القادمة عندما نتحدّث عن الطّلاق).

السّؤال الثاني: هل زواج الإنسان بزوجة أخرى بعد أن أمضت حياتها برفقته، وكانت معه في السَّراء والضرَّاء هو ظلم أم لا؟ وهل يا ترى لو كانت الحالة معكوسة في مسألة تعدّد الأزواج فهل يقبل الرَّجل ذلك؟

أعيد القول إنّ الذّكر الذي سيّطر على الخطاب الدّيني هو من جعل المرأة في موقف الضّعيفة المقموعة والمهمّشة، وبكلّ تأكيد أنا ضدّ مسألة تعدّد الزّوجات، ولا توجد زوجة إلّا واحدة فقط وإن كنت ترغب أيّها الزّوج بزوجة أخرى، فأنت حرّ، ولكن بعد أن تترك زوجتك عن طيب خاطر مع ضمان كامل حقّها وعدم إذلالها، لأنّه في الحقيقة لا توجد امرأة في العالم ترّضى أن تشاركها امرأة أخرى زوجها، لذلك أيّها الرّجل أيّاً كان عذرك أو المبرر الذي ستقدّمه من أجل التّعدّد سيكون واهياً ولا قيمة له.

وأقول أنا د. مأمون علواني لا أرضى على الإطلاق بفكرة تعدّد الزّوجات، فهناك زوجة واحدة مع زوج واحد فقط.

مثنى وثلاث ورباع

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى