كُتب علينا الشّقاء كما كتب على الذين من قبلنا!

متى سنرتاح نحن أبناء الأوطان العربيّة من أهوال المصائب، فهذه البقعة الجغرافية لم تعد قادرة على تحمل متاعبنا، وهي منهكة أصلاً، بالحروب، والمآسي، لدرجة أنّها ستطردنا يوماً ما بإعصار أو زلزال، لا أعلم لماذا كُتب علينا الشقاء إلى الأبد؟! منذ فجر التّاريخ ونحن نعاني، ونقاسي جميع أنواع الوجع.
نستذكر منها الحملات الصّليبيّة، والفتوحات الإسلاميّة، وعصر الخلافات، إلى الانتدابات، والحروب الأهليّة، لم تعرف هذه الأرض طعم الرّاحة، ولم يحكمها أبنائها لوحدهم أبداً، إذّ دائماً ما يكون هناك حليف يساند في العلن، ويقتل بالخفاء، يغتال كرامتنا، وينكّل بها، ثمّ يطلُّ علينا بوجهه البريء، والأنكى أنّنا نصفّق له لأنّه حليفنا، لماذا لم نعش يوم واحداً من دون ذلك الحليف، الذي يعرينا يوميّاً أمام العالم ويضحك.
أبناء هذه الأرض في معظمهم مشردين تائهين في أنحاء دول العالم، يبحثون عن ربع كرامة، كي يوهبوها إلى أبنائهم، يداوون جراحهم، التي حملوها معهم في حقائب السّفر، وحتى وإن طابت تلك الجروح؛ تخلّف ندباً فظيعة، كلما نظروا لها يتذكّرون حياتهم في تلك الأرض، وأرواحهم التي قايضوا عليها حرس الحدود، وأمواج البحر كي يرحلوا.

أمّا الذين لم يحالفهم الحظّ أو العاطفيين جداً، الذين ما زالوا يعيشون في تلك البقعة، مع كلّ صباح تُهدر كرامتهم على أعتاب الدّوائر الحكوميّة، وفي الحافلات، وفي محطّات الوقود، حتى في الأسواق، وأين ما اتجهوا، فالنّهار بالنسبة إليهم هو لعبة جوع، إمّا أن تعمل، وتُنهك، حتّى تؤمّن ربع قوت يومك، أو تموت من الجوع في المساء، أمّا الليل بالنسبة لهم؛ موجع، بارد، كئيب، يخلو من أيّة حركة، يقضونه كلّه في الظّلام الحالك، ينتظرون حصّتهم من الكهرباء، أو يستمعون إلى الراديو لإحصائيّة من ماتوا إثر تفجيرٍ إرهابي.
لا أعلم متى سنعيش؟! وكأنّنا بشر حقيقيون، بعيدون عن الحروب، والدّماء، وأصوات القذائف، نذهب إلى عملنا لكي نجني أموال تضمن معيشتنا بكرامة، فأموالنا منهوبة، ودمائنا رخيصة، حتى عيوننا باتت نصف مفتوحة من قوّة الظّلام الذي لفّ وطننا كلّه.
