أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأ

كيف أتحوّل لـ”يوتيوبر”؟

سماح الحمادي

سيقت حياتنا؛ منذُ فورة التّكنولوجيا الأخيرة في كوكبنا، لأماكن لم نكن نتوقّعها عندما كنّا صغار العمر، كرقعة شطرنج بُعثرت أركان أحجارها، فاصطف الأبيض إلى جوار الأبيض، والأسود إلى جوار الأسود، من خلال خطةٍ مُحكمة، ولكن للسّيطرة على حياتنا بدلاً من الملك هذه المرّة.

 بدأت السّيطرة نموّها عندما أخذت التّكنولوجيا المنزليّة تتحوّل لمرافق حياتنا الأكثر خصوصيّة شيئاً فشيئاً، فوجدنا الهاتف الجوّال يُستحدث عاماً تلو الآخر، إمّا بنسخة “أند رويد” جديدة أو بسلسلة كاميرات هاتفيّة أكثر دقّة، أو بنظامِ معالجةٍ أكثر تطوّر وسرعة.

وصولاً ليومنا هذا، حيث استُحدثت حياتنا بطريقةٍ مستعجلةٍ للغاية، بسبب ذلك الهاتف الجوّال الذي لطالما ما تهافتنا على شراء الأغلى منهُ، والأكثر حداثة.

كيف أتحوّل لـ"يوتيوبر"؟

من منكم اليوم لا يملكُ هاتفاً جوال؟

من منكم لا يسيّطر هاتفهُ على ثلاثة أرباع وقتهُ برضى تام عن هذه السّيّطرة؟

لا أظنّ هنالك أحد أجابني “بلا” هذه اللحظة، فالهاتف الجوّال أصبح ببرامجهِ الإلكترونيّة اليوم، معرض كبير يمكن للفرد استغلالهُ في سبيل نشر ما يملك من مواهب أو أعمال، أو خصوصيّاتٍ عامّة.

ناهيك عن تحوّل الهاتف لمعقلٍ للتّعبير عن كلّ إنجازٍ أو خبر تقتضيه حياتنا الجديدة، وكأنّهُ تحوّل جريدةً أو مسرح أو تلفاز بآلية شخصيّة متطوّرة.

لم تتوقف فوّرة الدّم التّكنولوجيّة هنا، فقد لاحظنا في السّنوات الأخيرة انتشار لمفهوم الـ”يوتيوبريّة”، نقلت ألسنتنا أخبارهم، ورصدت الكثير من حياتهم، وبات شغل الشّباب الشّاغل الوصول لما وصل له فلان منهم، بينما كلّ ما يقومون به هو نشر أسلوب حياتهم على العلن، واستخدام شاشاتهم لعرض منتجات وماركات ومأكولات علامات تجاريّة معيّنة.

لو كنت تحاول أن تصبح “يوتيوبراً”، إليك الوصفةُ السّحرية للصيرورة

أولاً: لا بدّ لك من اختيار أرضيّة للتّعبير عن نفسك، تلقى اهتمام عام، ولو أردت المساعدة فأقرب الطّرق للشّهرة اليوم السّخرية، والنّكات، والتّذرّع بفيديوهات الـ”ترند”.

ثانياً: بعد وصولك لمرحلة الشّهرة، يجب تحويل منطق تحركك الإلكتروني لمنطق جديد بعيد عن الفيديوهات السّابقة، منطق قائم على تحويل شخصيّتك الهزليّة لشخصيّة مثقفة، تقرأ الكتب، وتطالع الأعمال التّاريخيّة، وتُبحر في عالم الأزياء.

من ثمّ لا بدّ من ركن حياتك النّمطيّة في خزانة الملابس، وتحوّل الرّوتين لمستحدث لا يمّلُ المشاهدين منه، مثل خلق فيديوهات استعطاف المشاهد كالاحتفال بعيد ميلاد أمّك من دون معرفتها أو كشف جنس مولود زوجتك على صرحٍ عمراني شهير بغفلةٍ دراميّة منك ومن زوجتك.

كيف أتحوّل لـ"يوتيوبر"؟

بصورةٍ أقرب استغل يومك في جذب انتباه الآخر لكسب المال والعملاء التّجاريين، ودعم حسابك الإلكتروني، برقمٍ جمهوري يحقّق لك أرضيّة للانطلاق نحو أعمالٍ جديدة.

فلا ضرر من التّحوّل لشخصٍ مؤثّر على العامّة بمنحىً إيجابي! ونجد اليوم أنّ فئة من المؤثّرين تبدو منصّاتهم الشّخصيّة ناجحة، مُقادة بكفاءة، بغض النّظر عن الكمّ الكبير من الأشخاص المؤثّرين بطرقٍ ساذجة.

في نهاية حديثنا عن عالم التّأثير والمؤثّرين لا بدّ لنا أن نُشيد بكلّ شخصٍ تمكّن من النّجاح في عالم الـ”سوشال ميديا”، موضّحين صعوبة الحكاية غير مستخفين به إطلاقاً، إنّما راجين تحوّل المحتوى من مبتذلٍ لا قيمة لهُ لمؤثرٍ أو مفيد بطريقةٍ تشبه ما قام به صانع المحتوى الكويتي عندما حوّل منصتهُ لمساعدة الفارين من بيوتهم، والقاطنين في العراء، مستغلاً العدد البشري المتابع لهُ كأسلوب لتوجيه الأنظار نحو مسائل إنسانيّة حسّاسة.

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى