
في وقتٍ قد يُصلِحُ العطّار ما أفسده الدّهر! وقد يصل من سار على الدّرب أو لا يصل! وقد لا يَجِدُ من جدّ واجتهد! … في هذا الوقت بالذّات نتساءل أيضاً: أيمكن أن يصبح الذّهب تنكاً؟! وهل يعني ارتفاع ثمن المعدن النّفيس، ورواج التّنك والبلاستيك، أنّ الحقائق يمكن أن تَختَلّ؟!
لا حاجة للبحث عن جواب، ولا داعي أن تُتعبَ البال، فالثّابتُ ثابتاً، والمتحوّل سيبقى على جنسه متحوّلاً، ومهما قرقعت صفحات التّواصل لـ”السّواس” ومثيلاتها، ومهما استعرضت “زكريا” وأخواتها صورهن من الخلف ومن الأمام – إذ لا فرق – كأنّهما وجهان لعملةٍ واحدةٍ، وعلى الرّغم من الرّواج والتّصفيق، وهنا وهناك، وفي كلّ مكان، سيبقى للأصالة رونقها وجوهرها، في زمنٍ يطوف فيه القشّ مع السّيل مغطياً السّطح، سيغوصُ المعدن الأصيل في العمق، ليحافظ الطّين على الجوهر لا ليلغي وجوده أبداً …

منذ أيّام حلَّ الموسيقي السّوري كنان ادناوي؛ مركزاً أوّلاً بجدارة في مسابقة العود الدّوليّة، المقامة في بيروت.
ادناوي، قامة فنيّة اجتهدت، وتعلّمت، وعلّمت، وبصمت في مجالٍ ما زال الكُثُر يجهله مكاناً يكمن دوائنا فيه، وأقصد الموسيقى …

أين نجد كنان اليوم؟!
من أبناء أورنينا، راعية الفنّ والموسيقى في الأرض، يبحث عن صداه من إبداع زرياب، ومن تفوّق فريد الأطرش، ونجد اسمه ميزةً وعلامةً فارقةً في حفلات ذات خصوصيّة كحفلات مارسيل خليفة، شربل روحانا، وفي دار الأوبرا السّوريّة لا يترك مكانه خالياً …

تحيّة لهذا الموسيقي السّوري الذي يمثّلنا، تحيّة محبّة لكنان ادناوي، وما أجمل أن تكون مكرّماً في كلّ مكان، ومتابعاً من كلّ وسائل الإعلام المحليّة والعربيّة والعالميّة، تنادي بك الصّفحات، وتترنّم على نغمك، فأنت من يستحق من وقتنا ومن احتفالاتنا، وليس الغريبُ بأهمّ منكَ كي نهلّل له ونحتفي به، الأولى بأبناء جلدتك أن يقوموا بهذه الأفعال للمميّزين من أمثالك، فأنت الأوّل وهذا ما يليق بمن يحتلّ مكانه بجدارة …

هل سيصلح العطار ما أفسده الدّهر يوماً؟! وهل ستبقى القواعد في غير اتزانها؟! وهل سنستمر على الهبوط بالنّجوم بدل الصّعود بها؟! هذا ما لا يمكن الجزم به على الإطلاق، فالأمل حاضر طالما ابن هذه البلد يعمل ويجتهد، ويثبت للجميع بأنّه أهلٌ وإن لم يحتفِ أهله به، فالمؤقت لا يدوم، ولا يمكن أن يكون قاعدة يوماً.
مبروك لـ كنان ادناوي تفوّقه، ومبروك لكلّ سوري يذكرنا بأهمّيّة هذا البلد …