قلْ لي ما نوع الأغاني التي تَسمعها؟، أقولُ لك كيفَ سيغدو مستقبلك!
ذلك ليسَ سحراً، بل قانوناً كونياً.
هديل مزهر

قد لا تصدّق في البداية ما تقرأ، لكن هذا ليسَ سحراً أو شعوذة، بل قانوناً كونيّاً يقول: “إنّ كلّ ما تسمعه، وتركّز عليه لفترةٍ طويلةٍ، مع مشاعر وأحاسيس عالية، سيجعل الكون كلّه يتحرّك، ليعيد تشكيل نفسه، ويجذب لك الأحداث التي كنت قد ركّزت عليها، عن طريق مواقف، وأشخاص متوافقين، بكلّ ما في جعبتهم من طاقة سلبيّة أو إيجابيّة معك”، أيّ كما نقول باللّهجةِ العاميّة: “طنجرة ولاقت غطاها”.
حيثُ أنّ عقولنا منذُ الصّغر، تَتبرمج بفعلِ المؤثّرات الخارجيّة، والتّنشِئة الأُسريّة، إضافة إلى الأصدقاء والظّروف المحيطة، وينتج عن كلّ ذلك مجموعة مبادئ، وقواعد، ومعتقدات عقليّة، نخضع لأوامرها، من دون وعيٍ منّا أو إدراك.
أيضاً الأغاني، وكل ما نكرّره، ونركّز عليه، ونَتَفاعل معه، يتركُ بصماتٍهِ على واقعنا.
إنّه لأمر غريب حقّاً، كيفَ يمكنُ لأغنية، برمجة عقلك اللّاواعي، وتغيير مسار حياتك، نحو سكّةٍ تتعارضُ مع أحلامك، ورغباتك؟!
نعم عزيزي القارئ، فالأغاني عبارة عن جملٍ وكلمات، بصوتِ مطرب تحبّه، مع موسيقى مناسبة، لتحفيزِ عجلة المشاعر في داخلك أكثر، فتسمعها خلال أوقاتٍ متقطّعة، وتتفاعل معها بكلّ ما تملك من أحاسيس، ودموع في بعض الأحيان، ولو ركّزتَ قليلاً في عمقِ كلِّ كلمة، لأدركت أنّها تعملُ عملَ التّوكيد، إلّا أنّ للأغاني تأثير أكبر، وهذا ما يزيد من سرعةِ برمجة عقلك الباطن على كلمات الأغنية، عدا عن أنّ كلّ ما يسمعه، لمدّة سبعة أيّام أو أكثر، وبشكلٍ متواصل، مع القليلِ منَ المشاعرِ، والكثافة الحسيّة العالية، سيساعده على إعادةِ برمجة نفسه، وبذلك يبدأ بعمله المحبّب، وهو بثّ ذبذبات للكون، ليجذب لك كلّ الأحداث التي تتوافق طاقتها معك تماماً.

لكن المشكلة تكمن في أنّ معظمنا معتاد على سماعِ الأغاني الحزينة، والمفعمة بالطّاقاتِ السّلبيّة، واستجداء المشاعر، كالفراق، الخيانة، الهجر، والكثير غيرها، وفي هذهِ الحالة، أنتَ حرفيّاً تبرمجُ عقلك اللاواعي، وبشكلٍ قويّ، على طاقةِ كلّ كلمة في الأغنية، وبالتّالي ستجذبُ علاقات عاطفيّة فاشلة، تعودُ عليك بكلّ ما هو سلبي، من دون علمٍ منك، وتطبّق قانون الجذب “وهذا ما سنتكلم عنهُ لاحقاً”، بطريقةٍ عكسيّة تماماً.
فَكيفَ ستعيش في سعادة، ووفرة ماديّة ومعنويّة، وأنت تطوِّقُ عنقَ أحلامك وحياتك، بأشياء وأغاني سلبيّة، وبرمجات معادية لأهدافك الحقيقيّة؟!
لكن لا تقلق، ثمّة ثلاثة قوانين للعقل الباطن تساعدك على تجنّب كلّ البرمجات السّلبيّة:
أولاً: إن عقلك اللاواعي لا يفرّق بينَ الحقيقة والخيال، حتى على سبيلِ التّسلية، فهوَ يعتبرُ أن كلّ ما تفكّر به، ويأخذ حيّزاً من مشاعرك، حقيقة واقعيّة، وكأنّك مررتَ بتلك التّجربة، أو ذلك الموقف.
ثانياً: العقل الباطن يعمل دائماً بالتّكرار، والمشاعر الحسيّة العالية.
ثالثاً: كلّ ما تركّز عليه، يزداد ويكثر، “فأنت تصبح ما تفكّر به”، فقد تفارق حبيباً، أو شريك حياتك مرةً واحدة، لكنّك تعيشُ الفراق ألف مرّة مع كلّ أغنية حزينة، تحمل لك طاقة البُعد، والعَوز العاطفيّ، وتعيدك لنفس الموقف.

مجرّد تخيّلك لصورةٍ ذهنيّةٍ معينةٍ، تعتبر قد نطقتها، لكن بعقلك، فتخيّل الصّور الذّهنيّة الإيجابيّة، ومزّق السّلبيّة منها، وركّز على الحياةِ السّعيدة التي ترغب بتجلّيها كواقعٍ ماديّ، وهكذا ستوجّه تركيزك في المسارِ الذي تريده، وبالتّالي تستطيع أن تجذب لحياتك كلّ ما هو إيجابي، بمنتهى السّهولةِ واليُسر، مع المحافظة على توازنك الدّاخليّ، و احرص على ألّا تكون مجرّد آلة تعملُ بذريعةِ الإيجابيّة، بل اسمع كلّ ما تحبّ، لكن بوعي، من دون تفاعل عالي المشاعر، وتذكّر دائماً “الأرواح جنودٌ مجنّدة، ما تعارفَ منها ائتلف، وما تناكرَ منها اختلف”.