أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأمقالات عشوائية

قراصنة المال

د. فاطمة أحمد

سواءٌ أكنت توافق هذا الرّأي أم تعارضه، في العلن أم السّر، فإنّ من يسيطر علينا هم المخاتلون الاقتصاديّون، فهم لا يتحكّمون فقط بأكلنا وشربنا وزواجنا وذهابنا وإيابنا، بل وحتّى بتنفّسنا الهواء الضّار، هم الذين لا يبالون بعواطف النّاس، ومهما احتدّت الشّعوب في وجوههم، فإنّهم لا يبالون ولا يتضرّرون.

هم الرّابحون في كلّ المعارك التي تخوضها فئات الشّعب. وهم الباقون الذين يتمدّدون ويتكاثرون مهما تغيّرت الأنظمة السّياسيّة يمينيّة كانت أم يساريّة. معتدلة كانت أم متطرّفة.

الهويّة الضّبابيّة

لا هويّة للمخاتلة الاقتصاديّة، ولا انتماء للمخاتلين اقتصاديّاً، فهم كالخفافيش يراوغون ويستبدّون في جنح الظّلام، ويمكننا وصفهم بـ(القراصنة) كما ذهب الكاتب الاقتصادي الأمريكي “جون بركنز” في كتابه “الاغتيال الاقتصادي للأمم” عندما قال: قراصنة الاقتصاد “إيكونوميك هيت مين” هم خبراء محترفون ذوو أجور مرتفعة، مهمّتهم هي أن يسلبوا ملايين الدّولارات بالغشّ والخداع من دول عديدة في سائر أنحاء العالم. يحوّلون المال من البنك الدّولي، وهيئة المعونة الأمريكيّة وغيرها من مؤسّسات المساعدة الدوليّة في خزائن الشّركات الكبرى، وجيوب حفنة من العائلات الثّريّة التي تسيطر على الموارد الطّبيعيّة للكرة الأرضيّة. وسائلهم لتحقيق ذلك تشمل اصطناع التّقارير الماليّة، وتزوير الانتخابات، والرّشوة، والابتزاز، والجنس، والقتل، يلعبون لعبة قديمة قدم عهد الإمبراطوريّات، لكنّها تأخذ أبعاداً جديدة ومخيفة في هذا الزّمن، زمن العولمة.

قراصنة المال

تشوّهات غير منتهية

لا ريب في أنّ ما تشهده الأوضاع العالميّة اليوم من تدهور صحيّ وأمنيّ ومناخيّ واقتصاديّ هي نتيجة نزاعات جمّة مستمرّة بين القوى الضّاغطة سياسيّاً من جهة ومحاصرتها للدّول الضّعيفة والتّناوش عليها من جهة ثانية، والتي جعلت من المخاتلين الاقتصاديين فائزين في التّشوّهات غير المنتهية على الأصعدة كافّة، ولاسيّما الصّعيد الاقتصاديّ، فمهما بلغ العجز الاقتصاديّ في الأسواق  العالميّة، وازداد معه حجم المخاطر، يبقى هؤلاء المخاتلون النّاجين الوحيدين والمستفيدون الدّائمون، وإن خسرت جميع الأطراف، فأحياناً تصبح الخسارات منبع نصر عند خفافيش الليل “تجّار الأزمات الدّوليّة”!

قراصنة المال

ريتنغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى