“قاتل متسلسل” يصطاد الفتيات تحت مسمّى الحبّ! …
بيسان خلف

“تحدّثنا معاً لفترة، كان يهتمّ بي ويعاملني بلطف، يتصل هاتفيّاً ليتغزل يومياً، وكأنّني الفتاة الوحيدة على الأرض، حتى طلب منّي علاقة جنسيّة، قبل أن يمضي على معرفتنا الشهر، وبالطبع رفضت، بدأ يتغيّر، لم يعدّ يهتمّ بي، وعندما أحاول التّقرّب منه يبتعد أكثر، ليقطع علاقته بي على نحو مفاجئ وكارثي، وأنا التي سرحت بخيالي الشّرقي، وتوقعت أنّه فعلاً مختلف، وسأعيش معه لحظاتٍ لطالما حلمت بها”، هذه القصّة نسمعها يوميّاً وبشكّلٍ متكرّر، لدرجة أن واحد من أصل مائة فتاة لم تحدث معها، فما الذي حلّ بعقول الشّباب الشّرقيين يا ترى؟ ولماذا بات الجنس هو جلّ اهتمامهم عندما يرون فتاة حتى لو كانت قاصر؟!
الانفتاح العشوائي، والمفاجئ، على مساوئ المجتمع الغربي بالتّزامن مع الأزمات الاقتصاديّة، التي خنقت الواقع المعيشي، كان لها دوراً أساسيّاً في وصول الشّباب العربي لمرحلة الاستماتة في الجنس، فمنصّة “نتفلكس”، على سبيل المثال، وغيرها من المنصّات، تعرض أكثر العلاقات الإباحيّة في العالم، ويبرّرون الوقوع في حبّ جسد الأنثى فقط، وغالباً تكون النّسبة الأعلى للمشاهدات من الدّول العربيّة، خاصّةً تلك التي تحتضر اقتصاديّاً.
عندما بحثت في تقارير الأمم المتّحدة، صدمتني نسبة العنوسة في بلادنا العربيّة، التي وصلت لعام ٢٠٢١ إلى 85 %، وتذكّرت على الفور متوسّط أجور الشّباب في تلك الدّول، خاصّةً التي لحقت بها أزمات اقتصاديّة، الذي انحصر بين ١٠-٣٥ دولار أمريكي، فيصبح الشّاب في هذه الحالة غير قادرٍ على دفع تكاليف الزّواج، لكنه بحاجةٍ لممارسة الجنس، ليتحوّل إلى “قاتل متسلسل”، يصطاد الفتيات تحت مسمّى الحبّ.

قديماً كان لعلاقة الحبّ نكهة خاصّة، وحميميّة أكبر، بحيث يكون الإنجاز الأعظم للشّاب أنّه استطاع أن يضع رأسها على كتفه، ويدلّل أنوثتها برواية رومانسيّة يشتريها لها كلّ أسبوع، ثمّ يمسك يدها أمام العالم، بعد أن حارب من أجل اعترافه لها بالحبّ، وعلى الرغم من بساطتها، كانت مشاعر تلك الفترة أكثر صدقاً وواقعيّة، أمّا اليوم بات الحبّ أكثر شيء مبتذل، فمن أوّل اتصال يبدأ الشّاب المغازلة، وفي أوّل لقاءٍ لهما يتجرّأ ويقبّلها بمشاعر جنسية بحتة، تخلو من أيّة عاطفة، ويتحسّس أماكن تُغضِب أنوثتها الشّرقيّة.
بعض الفتيات المتضرّرات إثر هوسه بالأجسام، أصبحن أكثر ميل للانطوائيّة، والابتعاد عن جميع العلاقات، على الرّغم من وجود نسبة ضئيلة من شباب اليوم؛ ما يزالون محتفظين بنكهة الحبّ القديمة، لكن بعد العبث بقلوبهن، لم يعدن قادراتٍ على إعطاء فرص، نتيجة رهاب العلاقات، فتذكّر عزيزي الشّاب عندما تحاول سرقة جسد إحداهن أن لها قلب خلقه الله ليحتويك، قبل أن يكتمل جسدها، ويثير غرائزك.
