أين العدالة من قضيّة الطّفل فواز قطيفان؟!
طفولة معذّبة تستصرخ بقايا ضمائرنا

ماذا زرعنا حتّى نحصد هذا القهر كلّه، أيّ جرمٍ اقترفته أيادينا عبر سنين مضت كي نجني اليوم جريرة فعلتنا؟!
عمره ستّ سنوات يضربه الخاطفون، ويجلدونه ليحصلوا على فدية من أهله العاجزين عن تحرير فلذّة كبدهم من أيدي المجرمين.
لم يتورّع الخاطفون عن نشر فيديو يعذّبون فيه الطّفل فواز قطيفان، لتنزف روح أهله حزناً وكمداً على ابنهم الذي يموت أمام عيونهم من غير أن يستطيعوا فعل أيّ شيء، وليموتوا كلّ لحظة آلاف المرّات، وهم يتصوّرون ألوان العذاب الذي يتعرّض لها ابنهم الطّفل الذي لم يدخل المدرسة بعد!
سيضاف إلى خزايانا خزيّ جديد، وسيتلطّخ تاريخ جيلنا مرّة جديدة بما فعله هؤلاء، وبما سيفعلونه إن ظلّوا خارج أسوار العدالة، وستذكر كتب التّاريخ أنّه في البلد الأقدم على سطح هذا الكوكب تجرّدت عصابة من كلّ الأخلاق والأعراف، وتخلّت عن أبسط أركان الإنسانيّة، وخطفت طفلاً وعذّبته، ووثّقت فعلتها الشّنيعة بالصّوت والصّورة تحت سمع البشريّة جمعاء وبصرها، لا لشي سوى الحصول على المال!

سيشغل الطّفل فواز قطيفان النّاس زمناً، وستكون قصّته ألماً يعتصر القلوب، وجرحاً نازفاً في روح كلّ حرّ كريم يرى في التّعذيب إهانة لكرامته وآدميّته، سواء أكان التّعذيب للإنسان أم للحيوان، فكيف إذا المعذّب طفلاً!
إنّني لما رأيت ما رأى النّاس، وسمعت ما سمعوا تذكّرت حادثة الطّفل الأردني، وتذكّرت العقوبة التي أنزلها القضاء الأردني بالمجرمين، لقد كان القضاء حاسماً حازماً في جريمة قذرة كهذه، فحكم بالإعدام على من عذّبوا الطّفل وألحقوا به الأذى ولم يكتفِ بالسّجن، أخذاً لحقّ المعتدى عليه وضرباً على أيدي المعتدين، وحفاظاً على حقّ المجتمع كلّه في أن يرى بعينه عقوبة الظّلم والظَلَمة والمجرمين.
أيّ نفوس يحمل هؤلاء؟ ومن أيّ الصّخور قُدّت قلوبهم؟ وإذ سمّينا هذا الفعل بالوحشي، فإنّنا نتجنّى على الوحوش ونفتري عليها، بل أكثر الوحوش فتكاً وأشدّها ضراوة لتتبرّأ -واللّه- ممّا يفعله بعض أحفاد آدم! وإنّ فعلة هؤلاء وأمثالهم لَتَستدعي تدخل العالم برمّته وتحرّك الدّنيا بأسرها، ليس لإنقاذ فواز فقط، وإنّما لإنقاذ الطّفولة والإنسانيّة من براثن هذا الإرهاب المنظّم.

قد لا يموت الطّفل، وإنّنا نأمل ذلك، وقد يعود إلى حضن أمّه وأبيه بعد شهور عصيبة، وكيلا يموت ما بقي فينا من رحمةٍ أو كرامةٍ أو إنسانيّةٍ يجب ألّا يُترك هؤلاء الخاطفون طلقاء، وألّا يكون الحلّ بأنّ يُسجنوا عاماً أو عامين، ثمّ يُطلق سراحهم من السّجن متمرّسين على الإجرام محترفين القتل والاختطاف، بل لا بدّ أن يكون العلاج ناجعاً كما فعل القضاء الأردنيّ، وعلى رؤوس الأشهاد ليشفى صدر أم الطّفل الرّؤوم ويبرد دمّ أبيه المكلوم، وليأمن المجتمع على أبنائه وأفراده، ولينال الظّالم جزاء ما اقترفت يداه.