أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأاخبار فنية عامةالمقالات عامة

فنّان في ثلاثة أيّام!

د. مأمون علواني في حوار خاصّ مع د. فاطمة أحمد

فنّان في ثلاثة أيّام!

نسمع مؤخّراً جمل مقولبة وسريعة، وهي أشبه بوصفاتٍ جاهزةٍ مثل: كيف تصبح عالماً بيومين، وكيف تتقن لغة أجنبيّة بثلاث خطوات، وكيف تصبح فنّاناً بعدّة ساعات. دكتور مأمون برأيك، وأنت فنّان تشكيليّ ما سبب هذه الظّاهرة؟

في الحقيقة لقد تغيّر العالم، وباتت السّرعة الخارقة هي السّمة البارزة في نقل المعلومة، وكذلك انتشر النّفاق والبطالة بكثرة في هذا العصر. ومؤخّراً ظهر القناع (الكمامة) الذي نضعه من أجل “كورونا”، ليغطّي جزء من ملامح وجهنا، لكنّه يغطّي الكثير من العفن الرّاسخ في عقول البعض، كالفراغ والجهل اللذين سيؤدّيان إلى التّخلّف، وينتمي الجهل والتّخلّف إلى ذات الجذر، فالعلاقة بينهما وثيقة.

عندما يعيش المرء في وسط اجتماعيّ يكون ٩٠٪ منه قائمٌ على الكذب والتّسلق والتّطفّل، فإنّه سيلجأ إلى التّقليد الفارغ. ففي الماضي كان هناك بعض النّاس يرتدون البدلات الرسميّة ويحملون الحقائب، ويوهمون الآخرين بالفهم والوعي من خلال بيع جمل خادعة، وكلمات كاذبة. الآن تطوّر الأمر، فأصبح بإمكان أيّ شخص الدّخول إلى شبكة “غوغل”، ليأخذ ما يشاء من المعلومات، ويقوم بتفريغها في عقول النّاس الجاهلين، كي يحاضر ويتباهى أمامهم. وهنا أستحضر العبارة القائلة: “ما ناقشتُ جاهلاً إلا غلبني، وما ناقشت عالماً إلا غلبته”. اليوم، للأسف، هناك مفردة مهمّة جداً لا نتداولها كثيراً، وإن تداولناها فلا نفهمها جيّداً، وهي “الحرّية” التي هي أعظم ما يمكن أن يلازم الإنسان. وبما أنّ هذه الحرّية ملصقة بجدار عالٍ لا يمكن تجاوزه يضطَر الكثير من البشر إلى الادّعاء بأنّهم أفذاذ في كثير من المجالات.

فنّان في ثلاثة أيّام!

إنّ العقل الجمعيّ العربيّ متهالك، إذ ٩٠٪ من “جيغات” عقله فارغة من المحتوى المعرفي، لذلك أصبح التّعدّي على الاختصاصات مباح. فتجدين رسّاماً يخربش على الورق وتسألينه، فيقول لكِ: “هذا فنّ تجريدي لا تفهمه وليس لك”! وبكلّ بساطة إذا أراد شخصٌ أن يصبح عالماً في يومين سيحفظ مجموعة من الأبيات الشّعريّة، ويجلس في المحافل، ويدّعي امتلاك الفهم والمعرفة. والكارثة أنّ مثل هؤلاء الجهلاء لا تستطيعين أن ترفعي صوتكِ في وجههم، لأنّ الجدال معهم عقيم، أيضاً يستحيل تعلّم اللّغة في يومين أو ثلاث، وإن كانت هناك تطبيقات الكترونيّة تساعد على تعلّم مجموعة من المفردات. وفي الحقيقة، برأيي، لا يوجد أيّ شيء يمكن تعلّمه في عدّة أيّام سوى النّفاق والكذب، وهما يعكسان بقعة فراغ واسعة في عقل الإنسان الحديث.

–  هل الفنّ يعتمد على الممارسة أم على الموهبة، ما رأيك؟

هناك فرق بين الرّسم والفنّ، فالممارسة هي التي توصل الإنسان للتّمكن من حرفة الرّسم، أمّا الفنّ فهو موهبة، ويعني خلق شيء جديد أو تطوير ما كان موجود، حيث يصل المرء إلى مرحلة يتجاوز فيها التّقليد والرّوتين في الرّسم. الفنّ أعمق وأعلى مرتبة من الرّسم وأقوى منه، والذي يكون من خلال التّشكيل أو النّحت أو التّصوير أو الحفر…إلخ

لو قيل لكَ أن تصف مكانة الفنّان التشكيليّ في مجتمعه بجملة واحدة ماذا ستقول؟

الفنّ بكل أنواعه وأساليبه يعكس حضارات الشّعوب وأحاسيسها، فهو مرسّخ لها.

فنّان في ثلاثة أيّام!

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى