أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأمقالات عشوائية

فلسفة الألم

حسين الحجي

كلّ النّدوب التي تنال منك إثر عراك مع الحياة هي ضروب من الرّفعة والشّرف والجمال، وليست عار ولا ضعف بل هي ما تجعلك حيّ بالقوّة وتميّزك بالإنسانيّة، فالإنسان فقط هو الذي يتألّم، الجراح ولّادة للقوّة والثّقة، وليست محض صدفة تعتري أيّآ كان. القائد القوي لا ينتصر إن لم يُهزم، كلّ من يقل لك أن الجراح ضعف؛ هو مخطئ، الحزن جمال مضاف إلى الجمال، حيث يرتسم على جبينك كما ترتسم الشّمس على خدّ السّماء، وإنّ كلّ الآلام بالحقيقة تخفي وراءها إنسان عظيم ونبيل، في حين أنّها رذيلة في مجتمع ما، يرى تعبيرك عن شعورك بالضعف يومآ بأنّه انكسار، وخاصّة إذا كنت رجل، فمن حقّك أن تشعر بالألم، وأن تتعايش معه، وألا تقول دوماً للآخر أنّك بخير بل قل مثلاً: أنا لست مسروراً اللّيلة، فالقوّة لا تتكوّن لدينا دفعة واحدة، لأنّ ذلك يتناقض مع مفهوم القوّة – الضّعف – فالقوّة تأتي على مراحل، ومتى صفعتك الحياة كثيراً تغدو أقوى، وستمتلك مناعة تقيك كلّ نائبة .

فلسفة الألم
فلسفة الألم

الجراح قوّة تلك التي نالت منك، ولم تسقطك، وإنّ الفكرة السّائدة عن الألم مغلوطة بشكل كبير، ولا تمت للصّحة بشيء، ومن دون ألم كيف نعرف السّعادة؟! لذا يجب علينا أن نكفّ عن إخفاء آلامنا خشية من أن يدركها النّاس؛ لأنّنا حينها سنماثلهم في الشّعور المغاير لشعورنا، ونفقد عذريّة دواخلنا، فلا نحن نحن، ولا الآخر آخر!! الإنسان الفرد لا يتكشّف في مجتمع تنصهر فيه الأنا في الكلّ، ولا توجد ذات ولا إرادة، ولا يوجد تفرّد ولا نوع، وإنّما كلّ في كلّ.

لا بدّ لنا أن نقترب من المفهوم الحقيقي للألم بالمحصلة، فالألم سعادة لأنّه طريق إلى التّطهّر من الشّرّ وإلى التّسامي والاقتراب من الحقيقة والكمال.

ريتنغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى