قرونٌ كثيرة مرّت وما يزال الرّقص على جثّة “فالنتاين” مستمرّاً

ينتصف شُباط / فبراير من كلّ عام فيلوّح التّقويم بِعصاً لا مرئيّة على العالم ليصبغه باللّون الأحمر، هو ليس ربيعاً مفاجئاً، بل إعلاناً عن الذّكرى السّنويّة لعيد الحبّ ذي الأصول الدّينيّة التّاريخيّة.
كما جاء ضمن أشهر الرّوايات أنّه تخليدٌ لذكرى القدّيس “فالنتاين” الّذي خالف أوامر الإمبراطور الرّوماني “كلاديوس” بعد أن منع الجنود من الزّواج حتّى لا يشغلهم شاغل عن حروبهم لكنّ “فالنتاين” كان يعقد عقود الزّواج سرّاً في الكنيسة وسرعان ما كُشِف أمره، فتمّ إعدامه في الرّابع عشر من شُباط نهاية القرن الثّالث الميلادي، ما دفع العشّاق لتخليد ذكرى وفاته.

ولكن لماذا الأحمر؟
ببساطة لأنّه يرمز لدم شهيد الحبّ “فالنتاين”، علاوةً على كونه من الألوان السّاخنة الّتي تعبّر عن الدّفء والحرارة وتمنح شعوراً بالطّاقة والنّشاط.
من الغرب إلى الشّرق طقوس خاصّة احتفالاً بعيد الحبّ
تضجّ الحدائق العامّة الإيطاليّة بالزّوار، وتتعالى أصوات الموسيقى، ويُعدُّ الرّابع عشر من شُباط يوماً مثاليّاً لإعلان الخطوبة أو البحث عن شريك الحياة، وفي “نورفك” حصراً يستيقظ البريطانيّون على الهدايا والشّوكولا خلف أبوابهم، حيث يتكفّل بتوزيعها شخص يسمّى “جاك فالنتاين” متخفّيّاً ببذّة بابا نويل، وفي جنوب إفريقيا تتزيّن ياقات أكمام الشّابات العازبات بأسماء الشّبّان أحبابّهنّ، ويُعدُّ هذا اليوم التّاريخ المناسب للأعراس الجماعيّة في الفلبين، كما يتبادل الأطفال بالمدارس الأمريكيّة ملايين بطاقات المعايدة في الذّكرى السّنويّة لعيد الحبّ تعبيراً عن الصّداقة، وتفوح في أزقّة اليابان روائح الحلوى الشّهيّة إذ يتعيّن على النّساء تقديمها للرّجال احتفالاً بهذه المناسبة.

هل العالم العربي خارج الدّائرة الحمراء؟
تصّطفّ الدّمى والزّهور الحمراء بعشوائيّةٍ منتظمةٍ على واجهات المحال التّجاريّة في غالبيّة العواصم العربيّة، ويعمد المراهقون والشّباب العرب لارتداء ملابس حمراء أو تزيين ملابسهم باللّون الأحمر ويتبادلون الهدايا تعبيراً عن الحبّ، وفي بقيّة العواصم تسود احتفالات خجلة وصامتة نظراً لأنّ عيد الحبّ يتعارض مع الموروث الدّيني والاجتماعي السّائد.
بالأحمر بالأزرق أو الأصفر، في الرّابع عشر من شُباط أو أيّ يومٍ آخر من أيّام العام، يبقى الحبّ أساساً متيناً لبناء العلاقات الاجتماعيّة على اختلاف أطرافها ومسمّياتها.
