“فاشينيستا” و”بلوغر” وغيرها من مصطلحات افتراضيّة تتنافس عليها فتيات اليوم

هل أصبحنا في عصرٍ تسيطر عليه الـ”سوشيال ميديا” تماماً؟! حيث بتنا نقارن حياتنا بكلّ ما فيها مع ما نشاهده من حياة بعض الفتيات المعروضة على وسائل التّواصل الاجتماعي. هل سألنا أنفسنا يوماً إذا كانت حياتهنّ التي يشاركننا بها حقيقية؟! حيث أصبحنا نتمنى العيش مثلهن كما يصوّرن لنا عيشتهن المرفهة عبر لقطاتٍ من حفلاتٍ، ومطاعم، وألبسة، وإعلانات، وسفرات، وغيرها، فلم نعد مقتنعاتٍ بواقعنا وحياتنا.
هذا ما واجهته تماماً مع صديقتي عندما جلسنا سويّةً في مقهى، فقالت لي: انظري إلى هذه الفتاة على “أنستغرام”، ما أجمل جسمها! وكيف تهتمّ بنفسها في النّادي الرّياضي، وكذلك مع اختصاصيّة التّغذية، وتتواصل مع مطعمٍ يقدّم لها الأكل الصّحي محسوب السّعرات الحراريّة، وما أجمل ثيابها، وحقيبتها، وشاهدي الـ”آيفون” الجديد الذي تملكه، كما أنّها تسافر كلّ فترة إلى بلد جديد، “نيالها شو بدا أحلى من هيك حياة”، على حدّ قول صديقتي، وبدأت تتأفّف من حياتها وبأنّها لا تملك من المال ما يجعلها تقوم به مثل هذه الفتاة أو غيرها ممن نشاهدهن، ثمّ قالت لي لماذا لا تشاركينني الحديث؟!

فأجبتها: إنّنا خرجنا سويّةً للتّسلية ولنتكلم عن حياتنا، وليس عن فتيات “إنستغرام”، وماذا يفعلن وكيف يعشن، فلنا حياتنا ولهن حياتهن، ونصحتها بألا تصدق كلّ ما تشاهد، فنحن لا نعرف ما يواجهنه من مشاكل أو عقبات، ولا داعي أن تقارن حياتنا بحياتهن، فكلّ منّا تعيش حسب وضعها وإمكانياتها، وإن دخلت في مجال المقارنة الدّائم معهن، والتّمنّي بأن تكون مثلهن في كلّ شيء، فلن تكتفي بنفسها وبواقعها، لا بل من الممكن أن تصاب بحالة يأس، لأنّها تعتقد بأن بشرتهن وأجسامهن مثالية، وإذا لم يساعدها وضعها المادّي أن تفعل كلّ ما يفعلنه من عناية بالبشرة، وعمليّات، ومكياج، وملابس، ستكتئب، وربّما ستفكر بطرق غير صحيحة، ثمّ نصحتها بأن تلغي متابعتها لكلّ فتاة لا محتوى مفيد في صفحتها، لأن متل تلك الفيات ستشعرها بأنها غير كاملة، وسيخلق عندها عقدة نقص، وبالمقابل هناك الكثير ممن لديهن محتوى هادف، يمكن الاستفادة والتعلّم منه، ولكن ما عليها إلا أن تقدّر نفسها وتكتفي بواقعها … فوجئت بعد كلّ هذا الكلام بسرعة استجابة هذه الصّديقة، حيث أنّها أُعجبت بنصيحتي وعملت على تنفيذها، حيث أخبرتني عندما التقينا في المرّة الثّانية كم تغيّرت حياتها، وكذلك تفكيرها، بعدما ألغت متابعتها لكثيرٍ من الحسابات الخاصّة بفتياتٍ على موقع “أنستجرم”.
فكرتُ بعد هذه الحادثة، بما وصلنا إليه كمجتمعٍ من حالٍ غريب، وكيف أصبحنا أسرى للـ”سوشال ميديا” إلى هذه الدّرجة، حيث باتت تتحكّم بنا وبواقعنا، وتجعلنا غير راضياتٍ عن حياتنا، وغير مكتفياتٍ بأنفسنا، فهذه مشكلة كثير من فتيات اليوم، ولكن نصيحتي ألا ننجر خلف كلّ ما نشاهده، وأن نكون ممتناتٍ لكلّ ما نعيشه في حياتنا.
