أهم المقالاتإقرأ

كفانا خرافات…”عذاب القبر” كذبة كبيرة…الدكتور علي منصور كيالي ينفي نفياً قاطعاً…

مقالة للدكتور علي منصور كيالي -منصة أبواب – بتصرف

د. علي منصور كيالي

(يـريـدون ليطـفئـوا نـور الله بأفـواهـهـم) التوبة 32.

أولاً: يتوجـب علينا فهـم الآيـة الأخـيرة من سورة مـريم، وهي: (كـم أهـلكـنا قبلهـم مـن قـرن، هـلْ تُـحـسّ منهـم مـن أحـدٍ، أو تسـمعُ لـهُم ركـزاً) مريم 98 .

أيّ ولا حتى الرّسـول صلى الله عليه وسلّم، يحـسّ للأمـوات أيّ إحسـاس أو يسـمع لـهُم حتى “ركـزاً” ويعني صوت النمـل.

وهـم يـرددون “أحـاديث”، أن الرّسول صلى الله عليه وسـلم، قـد سـمع وأدرك أن أصحاب القـبور يتعـذّبون.

والآية الأخـيرة من سورة مـريم، تقول صـراحةً وبكلّ وضـوح، أنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم بالـذّات لا يُحـسّ ولا يسـمع أيّ صوتٍ للمـوتى.

ثــانيــا :إذا كان يوجد عـذاب في القـبر، فإن المسـتفيد الوحـيد هـو: إبلـيس، لأنّه سـوف يموت بعـد موت جميع الناس، وبذلك سـوف يتعـذّب أقـلّ منهـم، مع أنّـه الأكثر إجراماً.

ثــالثــاً :يقول تعالى إن الكـافر يوم الحساب، يتمنّى أن يكون تـراباً كي يخـلص مـن العـذاب: (ويقـول الكـافر يا ليتنـي كـنت تــراباً) النـبـأ  40، أيّ أن التـراب لا يُعــذب .

و اللـه يقول أن الإنسان بعـد مـوتـه سـوف يتحـوّل إلى: تــراب، يقول تعالى: (إذا مـتّم وكــنتم تــراباً وعظـاماً) المؤمنون 35، والآيات كثيرةٌ في ذلك .

إنّ أصحاب القبور لا يشـعرون بأيّ شيءٍ على الإطلاق، فالكـافرين في يوم الحســاب سـوف يقولون: (قالوا يا ويلنـا مَنْ بعثنـا من – مَـرقدنـا -) يس 52، فقـد كانوا راقـدين، وانزعجوا واندهـشــوا من الاسـتـيقاظ للحساب، والـذي يتعـذّب في قـبره لا يســأل هــذا الســؤال.

فيأتي جواب الملائكة الكرام: (هـذا مـا وعَد الرحمن و صدَق المرسلون) يس 52، وإننـا جميعاً قبل 100 سنة وأكثر، قـد كـنّـا أمواتاً حقيـقـيّـين، ولم نشعـر مثلاً بالفـراعنة والحـرب العالميّة الأولى، وغيرهما، يقول تعالى: (كـنتُم أمـواتاً، فأحـياكُم، ثـمّ يـميتـكُم، ثـمّ يـحـييكم) البقرة 28.

لـذلك لا يوجـد أيّ زمن أو إحساس عـند الأموات، والـدليل الآخر على ذلك هـذه الآية: (فأماته الله مائة عام ثـم بعـثه، قال كـم لـبثـت، قال لـبثـت يـوماً أو بعض يوم) البقرة 259، ولـم يقـل: “مـرّت عليّ الذّكرى السّـنويّة مثلاً، فلمـاذا لا تفهمـون آيـات الله؟

أسـطورة عـذاب القـبر:

دخـلـت فكـرة “عـذاب القـبر” عـبر “الإسـرائـيليـّات، إلى الـدّين الإسـلامي، وتقول الاسـطورة: عندمـا غضبت “عشـتار” على عشيقهـا “تـمّـوز”، أنزلـته إلى العالَم السُـفليّ “كـور”، حيـث ينـزل الأمـوات، وهـنـاكَ الوحـوش والأفاعي وكلّ مـا هو مـخيف، ولا بُـدّ لكلّ مـيـت مـن هـذا المصير المـؤلـم والمـظلـم، مهمـا كانت مكـانته، والجحيـمُ “أرالـو”Arallu يوجـد تحت الأرض، ومـن هنـا جـاءت فكرة “عذاب الـقبر”، التي أوردهـا الكاتب التوراتي في مدينة بابل القديمة في العـراق .

إنّ قوله تعالى: (سـنعـذّبهم مـرّتين) التوبة 101، فهـو كـمـا يـلي: العـذاب الأوّل في الدّنيا، والثاني في الآخـرة قبل الحساب عـندمـا يحملون أثقالهم: (وجـوه يـومـئذ خـاشـعة، عـاملة نـاصبة) الغاشية 3 / 4، وبـعد هـذين العـذابيـن، يردّون إلى عـذاب الحـريق في جـهنم.

أمّـا الآية: (النـار يُعـرضون عليهـا) غافر 46، فنجد أنّهُم هُـم: يُعـرضون، وليس النـار تُعـرض عليهم، ويوجـد فـرق عـند ذهابك للسـوق، وبين أنْ تُعـرض عـليك البضاعة، وبين أن تُعـرض أنت على البضاعة! والعذاب يكون بعـرض النار على الناس، وليس عـرض الناس على النـار، يقول تعالى: (وعـرضنـا جهنّم يومئذٍ للكافرين) الكهف 100 .

فمثـلمـا وعـد الله الكافـرين بالنـار، فقـد وعـد جهنّم بالكافرين.

و كلّ آيات القرآن الكريم تقول أنّه: “لا عـذاب قبـل الحساب”، حتى: “الظالمين” الـذين لهم أقـسى أنواع العـذاب، فإنّ الله سبحانه لن يُعـذّبهُم قبل الحساب لقوله تعالى: “ولا تحسـبـنّ الله غافلاً عـمّـا يعمل الظالمون، إنّمـا – يؤخّـرهُم – ليـوم تشـخص فيه الأبصـار” إبراهيم 42 .

هل انتبهتـم لكلمة: “يؤخّـرهُـم”، فهل هـذا كلام: “عـربيّ” واضح من الله مباشرةً، أمّ مـاذا؟

وهـذا: “بــلاغ” من الله تعالى للجـميع كي يفهمـوا: “كأنّهُم يـوم يـرون مـا يوعـدون، لـمْ يلبـثوا إلاّ ساعةً من نهـار، بــــــلاغ” الأحقاف 35.

فالشعـور أنّ كلّ الزّمن الـذي مضى قبل الحساب كأنه: “سـاعة”.

والذي يتعـذّب آلاف آلاف السنين في القـبر لن يشعر أنهـا: “سـاعة”! و يقول تعالى عـن يوم الحساب: “ويـوم تقـوم السّاعة، يُـقسـم المجـرمون مـا لبـثوا غـير سـاعة” الروم 55، فهل هـذا كلامٌ واضـحٌ من الله تعالى، أم مـاذا؟!

الحديث الشّريف:

أحاديث عـذاب القـبر رواهـا “البـيهقيّ”، عـن راوي حديث هـو: “عطاء بن يسار”، وهي أحاديث: “مُـرسـلة” أيّ: ضعـيفة، وتتعارض صراحةً مع الكـثير من آيات القرآن الكريم.

فالقرآن الكريم هـو: قطعيّ الثـبوت، بينمـا الحـديث الشّريف: “ظنّي الثبـوت”، باعـتراف عـلماء الحـديث ذاتهم.

مهــمّ جــدّاً جــدّاً:

إن أصـول العقــيدة الإسـلاميّة تؤخـذ فقـط من: القطـعي الثـبوت أيّ مـن القـرآن الكـريم حصـراً، ولا تُبـنى الإيمـانيّات اليقيـنيّة عـلى نصـوص ظـنيّة الثـبوت أيّ الحـديث الشّـريف، لأنّ كـلّ علمـاء الحـديث يقولون أن كـلّ الأحـاديث النـبويّة الشّـريفة هـي: ظـنيّة الثـبوت وظـنيّة الدّلالـة.

ومن الأحاديث العجيبة، هـذا الحديث: قال الرّسول الكريم صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطّاب رضي الله عنه: “….. ثُـمّ يهـيلوا عليـك التراب ويدفـنوك، فإذا انصرفوا أتاك فـتّـانـا القـبر: مُـنكرٌ ونكـير، أصواتهمـا كالرعـد القاصف، وأبصارهمـا كالـبرق الخاطف، يجـرّان أشـعارهُمـا، ويحـثيان القـبر بأنيابهمـا، فتـلتلاكَ و ترتـراكَ، … فقال عُـمـر: إذاً الحجَـر”.

أيْ أنّ عـمـر سوف: يضربهُمـا بالحجر كي يهربـا!!!

والسؤال الذي يطرح نفسـه: هـل سوف تحصل كلّ هذه الأمور؟ الضرب بالحجارة بين عُمـر والملـكين، كلّ ذلك بجـوار قـبر النّبي الكريم، لأنّ عُمر مدفـون بجـوار النبي؟!

إنّ الأموات رحمهم الله، يوجـد خـلفهم: حاجـز أيّ  بـرزخ، يـمنعهم منَ العودة إلى الحياة، ويمـنعهم منَ الاتصال مع أيّ أحـد مـوجود على قـيد الحياة، يقول تعالى عن الأموات: “ومن ورائهم – برزخ – إلى يوم يُبـعـثون” المؤمنون 100، فهل انتبهـتم أنّ: “البـرزخ” يقع خـلفهـم، و ليسـوا هـم: داخل البــرزخ، فتحـدّث لكـم العلمــاء عـن : حـياة البـرزخ !

والناس بعـد المـوت، يكونون فـئـتين فقط، لا ثـالث لهمـا:

1 _ أموات لا يشـعـرون بأيّ شيء أو أيّ حادثة، يقول تعالى: “ومـا يشـعرون أيّـان يبـعـثون” النحل 21.

2 _ أحـياء ولكن عـند ربّهم، و ليس في الجنّـة، يقول تعالى: “ولا تحسـبـنّ الـذين قتـلوا في سـبيل الله أمـواتاً، بل أحـياء عـند ربّهم” آل عمران 169.

مهم ومهــم جــدّاً:

على كـلّ إنسـان أن يُحـسن الظـنّ بالله، لأنـه إذا أسـاء الظـنّ باللـه، ويئــس مـن رحمتـه، واعتـقد أنّ اللـه عنـده فقط أهـوال وعــذاب، فهـذا الإنـسان تنطـبق علـيه الآيات التّـالية: “الظـانّـين باللـه ظـنّ الســوء، عليهـم دائــرة السّــوء” الفتح 6، “ومَـن يقـنط مـن رحـمـة ربّـه، إلاّ الضــالون” الحجر 56، “إنّـه لا ييـأس مـن روح اللـه، إلاّ القـوم الكـافرون” يوسف 87.

وأخيـراً قوله تعالى: “تلـكَ آيـات اللـه نتـلوهـا عليـكَ بالحـقّ، فـبـأيّ حـديثٍ بعـد اللـه وآيـاتـه يُـؤمـنون” الجاثية 6.

قُـلّْ: “إنّ هُـدى الله هـو الهُـدى، ولـئن اتّبعـتَ أهـواءهُـم بعـد الـذي جاءك من العـلم، مالـك منَ الله مـن وليّ ولا نصـير، الـذين آتينـاهُم الكتاب يتـلونه حـقّ تـلاوته، أولائـكَ يُـؤمنون بـه” البقرة 120 / 121، و نحـنُ نقول: “ربّنـا آمـنّـا بمـا أنـزلـتَ واتّبعـنـا الرّسـول فاكـتبنـا مع الشـاهدين” آل عمران 53.

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى