طيور الحمام من جديد في حلب

كان يا ما كان، لكن ليس بقديم الزّمان، بل في يومنا هذا بمدينة حلب …
29 تجربة فنّيّة مكوّنة من شبّان وشابّات، أرادوا تحويل ساحة دمّرتها الحرب إلى طريقٍ مضيءٍ بآلاف طيور الحمام (المصنّعة) …

محاولة أُخرى للنّجاة من خلالَ شُبّاك …
علينا أن نبحث عن نورٍ، ولو من ثغرةٍ، ونحاول أن نجعلها تَكبُر، وترفّرف كالحَمامات في سمائنا.
خمسة عشر ألفِ حمامةٍ؛ تمّ تصنيعها في الصّين. صاحبة هذه الفكرة السّيّدة بثينة العلي، كانَ أوّل عملٍ لها في شوارع دمشق القديمة، حيث استيقظ سكان المنطقة على مشهدٍ بعيدٍ عن المألوف، رأوا الحمامات تغطي سماء حاراتهم.
هذا المشروع كان قيد التّنفيذ قبل إحدى عشر عاماً، لكن الحرب لم تساعد أبداً في إنجازه.

السّيّدة بثينة صرّحت لوكالة “فرانس بريس”: “كنت أحلَم أن أزيّن وسط مدينتي، وأعلّق الحمامات في مكانٍ مكتظٍّ، ليراها النّاس يوميّاً، لكن الحرب غيّرت كلّ شيء، واضطررتُ إلى تأجيل حُلمي كلّ هذا الوقت”.
العشاء السّرّي، البيت، خطّ النّار، “كاروسيل”، الطّابور، … بعضٌ من مشاريع حوّلوا ساحة الحرب لساحة فنّ.
طلّاب من كلّيّة الفنون الجميلة، تغلّبوا على كلّ سنين الحرب، وأعادوا الدّفئ إلى ساحةٍ باردةٍ من خلال مشاريعهم الصّغيرة.
يتحدّثُ عَمَلٌ من الأعمال عن التّعلّق بالأشخاص، والأماكن، والجدران الحمراء، تعبّر عن الذّاكرة والذّكرى، والعلاقة الوطيدة بينهما.

عَملٌ آخرٌ يتحدّثُ عن متاهةٍ، فيها رمزيّة الحرب والمسافة التي فرضت نفسها بقوّة بين النّاس والذّاكرة، وآخرُ عن قبورً مرتبطةً بطيور الحمام كأنهم النّاس التي غادرت حياتنا مودّعة كلّ شيء بسلامٍ وانعتاقٍ أبديّ …
وبعد تعب هؤلاء الطّلّاب؛ هل ما زال الفنّ في بلدي حقّاً موجود بقوّة؟! وهل ما زال يحاكينا بلغته السّامية، ليستخرج الجمال من لحظاتٍ متعبة أرهقتنا؟! وهل ستكون أعمال هؤلاء المجتهدين صورة واقعيّة تعبّر عنّا كلغةٍ خاصّةٍ يستطيع الآخر التّفاعل معها بصدقٍ وحيويّة؟!


