طاهر مامللي كم جميل منك هذا الوفاء

مزاجٌ اختزنه عرض الموسيقار طاهر مامللي وفرقة أورفيوس، وفاءٌ لافتٌ، لا بدّ من الإشارة إليه، وكم نحن بحاجة هذا النّبلِ يغزو حياتنا ويدعم أيّامنا، في وقتٍ بتنا نفتقد فيه القيم الثّمينة.
لن يكفيك في حفلة دار الأوبرا الاستماع للموسيقى وكفى؛ شارات المسلسلات السّورية الجميلة، تتلقاها في جرعةٍ عاليةٍ من ذكرياتٍ كَبرتْ وتَرعرعتْ أسماعك عليها.

إضافةً للتّنظيم، وإخراج الحفل، وكلّ الجهود المبذولة في تفاصيل العرض، وتقديم الفنّان سيف سبيعي، ومشاركة الفنّانة ليندا بيطار، وتحيّة لروح السّيّدة أنطوانيت نجيب، تميّز العرض بحضورٍ خاصٍّ للجسر الذي نقل الدّراما السّوريّة لمكانٍ يليق بها، وقفةً للرّاحل حاتم علي، المخرج الأجمل الذي عالج تفاصيل دراميّة سوريّة بحتة، جعل من كلّ متابع عربي للمسلسل الدّرامي السّوري شغوف من أجل معرفة هذا البلد الجميل سورية، وصَنَعَ إضافةً يختصُّ بها السّوري أينما حلّ، على عكس ما وصل إليه حاله اليوم.

ليست الحفلة لجمع التّبرعات من أجل مرضى سرطان الثّدي فقط، وهو هدفٌ نبيل لا منازعة فيه.
قد شحن “مامللي” موسيقى شارة مسلسل “التّغريبة الفلسطينيّة” بالحبّ والوفاء، وأثناء تنفيذ الموسيقى وأداء الأغنية؛ صِيغَت لوحة بورتريه حاتم علي، تُرسَم بيدّ الفنّان غياث محمود، تُفاجئ الجمهور مع ختام المقطوعة التي تكلّل بها العرض.

لكن وفاء “مامللي” كان أبعد من ذلك، فاختيار أصوات جديدة تؤدّي أغنياتٍ أحببناها، كانت خطوة جريئة منه، حيث اعتدناها بأصواتٍ محليّةٍ مثل: نورا رحال، عامر خياط، هالة أرسلان، رويدة عطية وغيرهم، وها هي اليوم تُغنّى بحناجر جديدة، يعرّفنا عليهم “طاهر” الواحد تلو الآخر، يُلقي الضّوء عليهم، وكأنّه يسلّم الرّاية من جيلٍ سبق لجيلٍ أتى.

كم كانت لفتة وفيّة منك يا “طاهر”، فالوصل بين الأجيال خطوةٌ لا يقوم بها إلا الكبار، شكراً لهذا الوفاء، وشكراً لهذا الوعي، الذي نحتاجه كثيراً في أيّامنا هذه.
شكراً طاهر مامللي.


