أهم المقالاتإقرأالمقالات عامةبقلم رئيس التحرير

ارحموا عزيز قومٍ ذلّ

رئيس التحرير: عامر فؤاد عامر

على مدى سنوات، يطرق السؤال رأسي، وفي كلّ مرّة يتكدّر الخاطر، وكأن السؤال يطرح نفسه عليّ للمرّة الأولى، على مدى سنوات ولا إجابة تشفي الغليل!

يا سادة سأطرحه عليكم لربما نلقى الإجابة جميعنا معاً: “لماذا لا نُقدّر مبدعينا عندما يتقدّموا في العمر؟!”.

في كلّ موقف يتعرض فيه الفنان في بلدي إلى ظلم أو إهانة، بعد قطعه سنواتٍ من العطاء، نقف منذهلين أمام الموقف، وكأنه يحدث مصادفةً، وها هو يتكرر مجدداً مع فنانة سوريّة قدّمت للفنّ روحها وسنوات شقيّة من عمرها بين تلفزيون، ومسرح، وسينما، وأيضاً بين ظُلمات السجن.

صباح السالم من مواليد حمص العام 1959 خريجة كليّة الصيدلة جامعة دمشق العام 1978 بدأت مع المسرح الجامعي ووقفت أمام الكاميرا لأوّل مرة العام 1981 في مسلسل “تجارب عائليّة” إخراج الراحل علاء الدين كوكش، واستمر عطائها الفنّي إلى العام 1999 لنعلم بعدها أنها زُجت في السجن وحُكم عليها بالإعدام، ثم استبدلت العقوبة بالسجن المؤبد، وبعد سنوات خُفف الحكم لخمسة عشرة عاماً، وبمرسوم رئاسي لاحق، وبعد مضي سنوات طويلة، خرجت من السجن بعد تخفيف الحكم لثماني سنوات، واليوم تسعى صباح السالم لاستصدار برائتها، فهل ستتمكن من ذلك؟ وهل سيمنحها القضاء إدانة لنفسه في حكم قضائي مسبّق؟!

الفنانة صباح السالم
الفنانة صباح السالم

الفكرة الأهمّ هنا ما الذي تعيشه هواجس هذه الفنانة اليوم؟ ففي الماضي كانت نجمة سورية الأولى، وقفت أمام أهمّ الممثلين والمخرجين، ولا ننسى تجربتها في الفيلم المصري “الرّقص مع الشيطان” ومشاركة نجم مصر نور الشريف دور البطولة، وغيرها العديد من الأدوار التي بقيت في الذّاكرة، ثم تمضي سنوات من عمرها في عتمة السجن.

الفنانة صباح السالم
مع نور الشريف من فيلم الرقص مع الشيطان

الآن ما هو دورنا كإعلام ووسط فنّي تجاه هذه الإنسانة، التي عانت ماعانته، وانتقلت من نور الشهرة إلى عتمة السجون، فهاي هي اليوم تبدأ مرحلة جديدة، وعلى رغبة في الانطلاق مجدّداً للحياة، وقد بدأ بعض الفنانين يسلّطون الضوء على وضعها، ورغبتها في العمل، وكسب لقمة عيشها بشرف من خلال منحها فرصتها في التّمثيل والعودة لأحضان الوسط الفنّي، فهل سنهتم ونعود لحسّنا الإنساني، ونضع الأمور في ميزانها السليم، أم سنتجاهل ونكتفي بتداول الموضوع وكفى؟!

صباح السالم اليوم لا بيت لها، تأتوي لدى أسرة قريبة لها في حمص، بلا رصيد مالي ولا مرتب ولامعاش تعتاش منه، وبظروف لا تُحسد عليها، ومع كلّ ذلك تتحدى وتريد أن تقول للجميع “أنني ظُلمتْ، وسُرِقَتْ حياتي مني”، وعلينا أن نسمعها ونقف إلى جانبها، لا أن نتجاهلها ونزيد من إهمالنا، المطلوب أن نوصل صوتها بكلّ محبة وبكلّ ثقة لأنها تريد الحياة ويليق بها أن تجد متسعاً من الوقت يريحها في سنوات عمرها القادمة.

الفنانة صباح السالم
صباح السالم اليوم

ريتنغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى