أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأالمقالات عامةمقالات عشوائية

شباب أمتي كفاكم انغماساً

لِقاء الأطرش

كَسرورِ الأطفال يَمضغُونَ حلوى الـ”كابتجون” بِشهيةٍ وبتلذُّذ، ليغرقُون بِضباب المُتعة، لائبينَ مُغرمينَ بالـ”فيتون” أو “منشِّط الموت” من عِظام الرأس حتى أصابعَ القدم، لِتنحل هذهِ الحبوب وتَتَلاشى مع تركيبة فضاء أجسادِهُم.

نؤمنُ جميعُنا بأنَ الله وضعَ لكُّل إنسان مِصباح مُشّع ألا وهو العَقل، لا ينطفئ إلا حينَ تجتَاحهُ الرّيح المسمُومَة.

أتحدّثُ في هذا المقال عن إيقاعٍ مُترنم في وطني باتَ يُطربُ عُقول الشباب، فمن المُؤسف أن تِلكَ العُقول باتت مُعلقةً بِحبائِل الإدمان غير المُنتهية.

أتَساءل: ما الذي يَدفعُ الإنسان أن يُذبل زهرةَ شّبابهِ ويغرقُها في حَضيضِ المُستنقَعات، ويشّعل شرارةَ الإدمانِ في لُجّة ازدحامِ الكآبة والازدراء؟

 شباب أمتي كفاكم انغماساً

أعلمُ بأنَ هُناكَ رؤوسٌ مُنتصّبة كالأفاعي تَنفثُ سُمُّها لِفساد الوطن ولِتحقيق غَاياتٍ ومَكاسب مُجمّرة كالسّماءِ في لَيلةٍ حَمّراء، لا يَعنيها ازدهار المُجتمع ولا تَقدُّمه بل جعلِ خلايا دماغ الشّباب في سُباتٍ بارد، مُحالٌ أن يَستيقظُونَ منهُ لِشدّة صَقيعه المُمّيت، فَحينَ تُهيأُ جَسدكَ لِيدفأَ بِنعيم (الحَشيش) أو حبوب “كابتجون” أو باسمها العلمي “فينثايلين” تُريك فردوس الجحيم وتَمتصُ عُروقَك تَركيبة “أميفيتامين” المَلعونة لِتُسكِنَكَ في صومْعة وحشتِك الأبديةّ.

يُخيل لكَ بأنك تلجأُ إلى عالمٍ آخر، عالمٍ يَسوقك إلى أوج المُتعة عالمٍ يُخلّصك من الأزماتِ والمشاكِل المُنغمِسة في طيّاتِ عُمرك، إلا أنّكَ تُدمن الخطأ وتُعالِجهُ بالجريمة الصّامتة.

حينَ تُسلمُ نَفسك الشَّهوانيّة الضّعيفة لهذهِ الوجبات المُدمِّرة تُبعدُكَ تدريجيّاً عن القيم والأخلاق والإرشاداتِ الموصّى في كّافة الأديانِ.

أيّها الشّباب أعلمُ بأنَّ من أفسدَكم هُّم جُناة كبار، لكن لا نَستنكر أيضاً عِرق المُصِّيبة الأساسي النّابض، أيّ النّشأة والتّربية غير المُشّبعة كرذاذٍ ضئيل شهقتهُ صُّدورُ الأبناء، هي التي ألقت بِكم في ذرَّات العَدم، وفَتحت لكم بوَّابة الجحيم (التعاطي).

 شباب أمتي كفاكم انغماساً

فهل باتَ الإدمانُ في وطني ضريبة الحرب مُتزامِناً مع عصّر العولمة للبلاد المُتقدمة على حِساب وطني الذي اهترأ وشبّانه الذين أغرقُوهم في نَافُورة الأرق والقَلق مُوصدينَ بِرعبٍ فاضِح مُتلبسين هيئة الحريّة؟!

فما السبيلُ لإنقاذِهم من (سيّد الهوى) كما قالت فيروز؟ ما السبيلُ لِكبح جماحِهم عن لهيب هذه النّار الرّجيمة التي تسعرُ في أجسادِهم؟ ولا يوجدُ سوى مركزين لمعالجة الإدمان في سورية! وانعدامها الكُلي في المناطق الشّرقيّة التي باتت فيها عاصِفة المخدرات تؤدّي إلى جرائم يستنكرُها العرف والقانون، جرائم القتل والسّرقة للحصولِ على ثمن شراء الحلوى الشّهيّة.

أيّها الشّباب كفاكم انغماساً في اليبابِ، فحين تجرعُونَ تلك المواد الضّارّة والمسمُومَة سيصدأ ربيع أرواحكم وتُدفن عُقولكُم الـ”كابتجونيّة” في التّيه والعدم.

 شباب أمتي كفاكم انغماساً

ريتنغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
4 تعليق
الأحدث
الأقدم الأكثر تصويت
Inline Feedbacks
عرض كل التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى