سومر نجار … أصول الطرب وفن التطريب

عندما نقول: سومر نجار، هذا يعني أنّنا أمام صوتٍ مصقولٍ بتجربةٍ طويلة بدأها منذ نعومة أظفاره، واستمر في العمل والاشتغال عليها إلى يومنا الحالي … وليس من المستغرب أن نضع في العنوان: أصول الطّرب وفنّ التّطريب، فسومر نجار فنّان حقيقي، يحترم أدواته، ويقدّر اللّغة الفنّيّة، حيث أمضى كلّ سنوات العمر في دراسة الفنّ، وتدريس الموسيقى والغناء، وتذوّق المناسب منها لصوته، والتّدرّب عليه.

لن نعرّج على أعمال “سومر”، ولن نقول شيئاً عن الجوائز التي حصدها في أهمّ البرامج والمناسبات، في فترةٍ لم تكن الفضائيّات تعجّ ببرامج المسابقات المبتذلة وغيرها، ولكن سنقول أنّنا أمام شخصيّة تقف على المسرح بثقةٍ وأصالةٍ، وتغرّد الأغنية بطريقة لا يتنازع عليها أيٌّ ممن يصغون ويستمعون جيّداً.
ما يميّز حفلات سومر نجار أنّها تحمل تنوّعاً، ففي كلّ مرّة نجده مع باقة متجدّدة وبرنامج مختلف، وهذه المرّة كانت الحفلة برفقة أوركسترا قصيد على مسرح دار الأوبرا في دمشق، جمع فيها التّراث بالمعاصر، من خلال وضع الأغنية التّراثيّة في قالبٍ قريبٍ للمستمع، وخصوصاً المستمع الجديد، والتّعريف بالمادّة الغنائيّة القديمة عبر لغة محبّبة للأذن، لحناً وغناءً، وإذا ما ألقينا نظرةً على الأغنيات المقدّمة سنجدها خاضعةً لهذا الأسلوب، فلا يشعر الحضور في الحفلة بأيّ نوعٍ من الضّياع أو الاستغراب.

نقل لنا “سومر” مساحةً من أغنيات الفنّان الشّامل حسام تحسين بك، في تجربةٍ سابقة، عرف منها الجمهور العديد من الأغنيات التي كُرّست في الذّاكرة وأحبّها فعلاً، وفي هذه الحفلة أيضاً كان لهذا الفنّان وجوده عبر أغنية قدّمها “سومر”، وأضافها إلى أرشيفه، وهي بادرة مهمّة يتّصل فيها الماضي بالحاضر.

ما يميّز حفلة الفنان سومر نجار أيضاً، الانتقالات المهمّة بين الأغنيات، ووصلات المقاطع التّراثيّة، التي تمّ انتقائها، وهي إن دلّت على شيء فهو التّمكّن والتدريب والمقدرة على إتقان أصعب أنواع الأغنيات، فهنيئاً لنا بوجود مثل الفنّان سومر، المهتم، والمخلص لكلّ خطوة يقوم بها.

لن ننسى وجود أمثال هذا الفنّان بيننا، لأنّ سورية ولّادة بالمبدعين، والقادرين على حفظ مكانتهم، والاستمرار في بناء خطّهم المهني، على الرّغم من المعوّقات والصّعوبات، التي تسيطر وتفرض نفسها بقوّةٍ أحياناً، لذلك نقول شكراً لكلّ من يحاول، وشكراً لكلّ من يستمر، مثل الفنّان سومر نجار، وكلّ الفنّانين الذي ما زالوا على ثقة بالعطاء، والمحافظة على الذّاكرة السّمعيّة، والهويّة الغنائيّة، والأذن النّظيفة، هؤلاء يستحقون التّقدير فعلاً، ويستحقون التّحيّة والامتنان دائماً …
