نحن نحب سورية التي يصورها فادي قوشقجي

بوحٌ متأخّرٌ، في حبِّ أعمالِ الكاتب فادي قوشقجي، فنحن نحبّ سوريا التي يكتبها “فادي”، نحبّ أن نرى بعين قلمه العائلة، الصّداقات، الحبّ، الزّواج حتّى التّشويق … ذلك التّشويق اللّذيذ غير المؤذي.
في كلّ حلقة وكلّ لحظة نجد ما قد أضعناه … سوريا الدّافئة، شوارعها المليئة بالقصص، زواياها الولّادة والخلّاقة للخيال والحبّ والجمال، ممزوجين مع الألم.
كان ذاك أوّل رمضان لي في الغربة، في البداية لم أتجرّأ على متابعة أيّ عمل، علمت أنّ قلبي لن يحتمل. لكن حين اتخذت قراري في متابعة مسلسل “على قيد الحبّ”، واتخذت قراري ذاك بناءً على هويّة كاتبه، أمضيت الحلقات الأولى وأنا أختنق بدموعي، لأنّ كلّ ما كنتُ أراهُ هي الخسائر، وذلك مؤلم حقّاً … أن تكون على بعد حلمٍ وشاشةٍ من خسائرك الأغلى على قلبك، الدّفء والجمال والبساطة والعراقة، المزيج السّوري الغنيّ.

نسمعُ في تصنيف الأعمال الدّراميّة ومنها صنف الخيال العلمي، ولكن لم أجد تصنيفاً لأعمال “قوشقجي” أكثر إنصافاً من (الخيال العاطفي)، إذ يصوّر لنا العلاقات النّادرة والجميلة التي يُصرُّ على وجودها.
تدومُ صداقةٌ عشرات الأعوام بين “أمين” و”حسّان”، تمتدّ عميقاً لتجعل من عائلتيهما كيانين مندمجين تماماً، ومتفاهمين لأبعد حدّ، لكنّه لا يغفل وجود “لينا” التي تُعدّ من أعقد الشّخصيّات أو أبسطها، فنحن لا نراها تُفكّر، هي فقط تتصرّف لتقول أنا سيّدة نفسي، أنا أقرّر وأفعل ولو كان خطأً، “لينا” الثّائرة الرّافضة لكلّ شيء، قد يكون لسببٍ مقنعٍ لديها أو لمجرّد فكرة الرّفض.

الأهمّ هو تصوير نموذج حقيقي للأبّ السّوري، الدّاعم لأولاده، الحنون المحبّ، لكنّه يسلّط الضّوء على جانب لا يمكن تجاهله، وهو الميل قليلاً للضّعف أمام المجتمع الذي لا يرحم، فهو لا يعيش وحده، ولا يمكن سلخه عن محيطه، هذا ما نراه في موقف “حسان” من “لينا” في البداية، مع أن غلطتها وعلى بشاعتها كانت حلالاً، فهي تزوّجت، ومع ذلك لم يتمكّن من مسامحتها في البداية، لأنّها كانت مخادعة وكاذبة، “شو رح يقولوا النّاس علينا؟”.
كلّ حلقة من مسلسل “على قيد الحبّ” كانت تساهم في إبقاء الكثير منّا على قيد الحياة والصّمود في الغربة.
شكراً فادي قوشقجي.
