وداعاً … “هانم” الزّمن الجميل
سنا محمد
“بتعرف إيه عن المنطق؟” … هذا ما سألتهُ الفنّانة القديرة سهير البابلي لتلاميذها في المسرحيّة الشّهيرة “مدرسة المشاغبين”، من دون أن تعرف “سكينة ” حدود المنطق في إبداعها، وفنّها، كيف لا؟! وهي “بكيزة”، “هانمُ” الزّمن الجميل، التي غيبها الموت إثر صراعٍ مع المرض يوم الأحد الحادي والعشرين من تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠٢١.
بدايات
عرفتْ الحياة ابتسامة “البابلي” لأوّل مرّة في 14 من شباط / فبراير من العام 1973، في مركز “فارسكور” في محافظة دمياط المصريّة، نشأت في مدينة المنصورة، لأبٍ يعمل معلّماً، كان الدّاعم الأكبر لابنته، التي كانت تقلّد الممثّلين بخفّةِ ظلّ، وسرعة بديهة، وبراعة منذ الصّغر، مقابل عدم تأييد والدتها، التّي كانت ربّة بيت.
دراسة
التحقت الشّابة المصريّة بالمعهد العالي للفنون المسرحيّة، ومعهد الموسيقى في نفس الوقت، وتعلّمت العزف على بعض الآلات الموسيقيّة، لكنّها اضطرت لترك المعهد في العام الثّالث، بسبب الضّغوط العائليّة، منتظرةً الفرصة للعودة مرّة أخرى للفنّ، حيث ساعدها على احترافه المخرج المسرحي فتوح نشاطي بدعمٍ من والدها.
سيّدة المسرح السّياسي
واعدت المسرح لأوّل مرّة، فكان معشوقها الذي صدّرها للعالم، فمن المسرح القومي انطلقت، وبأدوار بطوليّة جريئةٍ، ومختلفة، بسبب شخصيّتها المتمرّدة، واستطاعت “سهير” أن تحظى بلقبِ “سيّدة المسرح السّياسي” على إثر خبرتها وموهبتها واختيارها للأدوار القريبة من الشّارع، أجادت “البابلي” “الإفيهات الكوميديّة”، فكان لها بصمتها في أعمالٍ أشهرها: “مدرسة المشاغبين، ريّا وسكينة، شمشون وجليلة”.
“بكيزة” من أشهر شخصيّاتها
لم تحظَ النّجمة المصريّة بفرص بطولةٍ شبيهة في السّينما كما في المسرح، على الرّغم من أنّها بدأت التّمثيل في السّينما بسنٍ صغير، فتنقلت بين الأدوار القصيرة، إلى أن قدّمت شخصيّة “بكيزة الدّرملي”، في فيلم “ليلة القبض على بكيزة وزغلول”، وجاء بعده المسلسل المعروف “بكيزة وزغلول”، فكانا من أشهر أعمالها بين السّينما والتّلفزيون.
اعتزال وعودة
تزّوجت “البابلي” خمس مرّات، فانشغالها في الحياة الفنيّة أبعدها عن بيتها، ما تسبّب بفشل زيجاتها، في العام ١٩٩٢ قرّرت “سهير” ارتداء الحجاب، واعتزال الفنّ، لكنّها عادت إليه في العام ٢٠٠٥، بسبب حاجتها للمال، إلّا أنّها وضعت شروطاً خاصّة للعبِ الدّور، وأعلنت في العام ٢٠١٦ عن مسلسل يحمل عنوان “قانون سوسكا”، لكنّه لم يبصر النّور.
وداعاً
وعن عمرٍ ناهز ٨٦ عاماً ودعّت “بابليّة الفنّ” جمهورها ضاحكةً، لتترك لنا إرثاً فنيّاً، وأدواراً خالدةً، وبصماتٍ لا تُنسى.
