أهم المقالاتإقرأبقلم رئيس التحرير

المجاهد السّوري سليمان الحلبي وكليبّر

حكاية طرّزها التّاريخ بين حلب والقاهرة

رئيس التحرير: عامر فؤاد عامر

ولد المجاهد سليمان بن محمد أمين الحلبي في العام 1777، في مدينة حلب السّوريّة، بدأت قصّته مع المستعمر الفرنسي “كليبر” عندما سافر إلى القدس، وكانت بلاد الشام حينها موحّدة، وهناك عُرض عليه استلام مهمّة اغتيال “كليبر” مقابل الإفراج عن والده المسجون بسبب ما تراكم عليه من ضرائب.

وافق “الحلبي” على الاتفاق ورحل مصر في قافلة تحمل الصّابون والدّخان من الشّام، ووصل القاهرة ليقصد الجامع الأزهر على الفور، لكنه أخبر بعض المقيمين معه، وكانوا من حلب، أنه حضر لينتقم من الفرنسيين.

سليمان الحلبي
سليمان الحلبي وكليبر

كان “كليبر” قد خلف “نابليون” بعد رحيله عن مصر في العام 1799 في قيادة الحملة الفرنسيّة على مصر، وهو من انتصر على العثمانيين في واقعة عين شمس في العام 1800، ثمّ أخمد ثورة القاهرة الثّانية.

لم يمرّ الكثير من الوقت ليذهب سليمان الحلبي المنزل الذي سكنه القائد “كليبر”، الكائن في حيّ الأزبكيّة، حيث كان برفقته كبير المهندسين في البستان، وتنكّر الحلبي في هيئة متسوّل، ودخل المنزل واتّجه ناحيتهما، وحينها مدّ “كليبر” يده له ليقبّلها، فأمسك بها “سليمان” وشدّه بعنفٍ إليه، وطعنه أربع طعنات أردته قتيلاً بعدها، وحين حاول كبير المهندسين الدّفاع عن “كليبر” طعنه سليمان أيضاً لكنه لم يمت، واندفع جنود الحراسة بسرعة، ومع ذلك تأخّروا، فقد وجدوا قائدهم قتيلاً، وحاول المجاهد السّوري “سليمان” التخفّي في حديقة مجاورة للمنزل، لكنهم أمسكوه ومعه الخنجر الذي يحتفظ به الفرنسيّون حتى يومنا هذا.

تمّ التحقيق خلال يومٍ واحد مع سليمان الحلبي في محكمة عسكريّة شُكّلت على الفور، وخلال 24 ساعة حكموا عليه بالإعدام، وكذلك على أصحابه الذين أخبرهم بمهمّته، لأنهم لم يبلّغوا الفرنسيين بالأمر، وهناك مخطوط نادر لمحضر المحاكمة، الذي ذُكر فيه أنهم حرقوا يده اليمنى أولاً ثم أعدموه بالخازوق، ونُفّذ الحكم في تل العقارب في مصر القديمة، والغريب في القصّة أيضاً أن الفرنسيين ما زالوا يحتفظون بجمجمة “الحلبي” في متحف “شايو” الباريسي، ومكتوب تحتها جمجمة مجرم!

تناولنا هذا الموضوع اليوم لأنه يصادف ذكرى هذه الواقعة التّاريخيّة 14 حزيران / يونيو من العام 1800 التي تصف شجاعة هذا المجاهد، والروابط التي تجمع العرب بين بعضهم البعض، على الرغم من المسافة الكبيرة بين البلدين، حلب والقاهرة.

ومن الجدير بالذّكر أن الدّراما المصريّة كرّمت المجاهد سليمان الحلبي؛ من خلال مسلسل تلفزيوني أُنتج في دبي في العام 1977، عن نص للكاتب محفوظ عبد الرحمن، والإخراج عباس أرناؤوط، ومن بطولة: أحمد مرعي، أحمد خليل، رشوان توفيق، مختار أمين، وغيرهم، في 15 حلقة، وتمّ عرض العمل في معظم التلفزيونات العربيّة.

ريتنغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى