سلطنة عُمان .. إكسبو 2021 .. حين تلتقي الحضارات ..
الجناح العُماني
نجد حضوراً مميّزاً للأجنحة العربيّة في معرض إكسبو دبي 2021، فهناك حكاية تشبه كلّ بلدٍ عربي عرفناها عبر قراءاتنا لصفحات التّاريخ، والإمارات العربيّة تحتضن هذه الدّورة على الرّغم من كلّ المعوّقات التي يواجهها العالم أجمع من ظروف الواقع الصّحي لوباء كورونا، وعدم الاستقرار في طريقة التّعاطي معه حتى الآن.
ننتقل اليوم في زيارتنا لإكسبو دبي إلى جناح سلطنة عُمان، وهو من بين الأجنحة المُلفتة للانتباه في طريقة تصميم الواجهة، والمدخل، والاعتماد فيها على الخشب، في شكلٍ مستوحى من أشجار اللّبان المعروفة، والمنتشرة في السّلطنة.
سلطنة عُمان
كانت عُمان وعلى مرّ العصور منطقة حيويّة، ولّدت البدايات، وكَثُرَ فيها التّصارع، فهي منطقة مُشرفة على البحر وسواحلها طويلة
الامتداد، وعلى مدى الزّمن استقبلت الغريب ضيفاً، وواجهت الغازي، ولم تسكت عن ضيم، وعُمان هي نفسها “مجان” الواردة في
الكتابات السّومريّة، كما عُرفت تاريخيّاً بجبل النُّحاس نظراً لأنها المنجم الأقدم تاريخيّاً لتصدير واستخراج هذا المعدن، و”مزون” نسبة
للغيوم الماطرة فيها.
تذكرنا سواحل عُمان بحكايات شجعانها ومغامراتهم، ومنهم عرفنا قصص السّندباد والعديد من ليالي ألف ليلة وليلة، فأهلها بحارة
أشاوس ودائماً ما تحدّوا البحر وذللوا العقبات، ومن أواخر القرن الخامس عشر كانت عُمان امبراطوريّة تنافس المملكة المتحدة
والبرتغال، وبقيت كذلك حتى بدايات القرن التّاسع عشر، وبوجود مضيق باب المندب لطالما جذب هذا الموقع الفريد انتباه الغزاة
والمستعمرين، وكان أهل المكان بالمرصاد لكلّ اعتداء، لتكون مسقط أهمّ المدن الواقعة على سواحل المحيط الهندي.
حضارة عُمان
تمتلك عُمان أربعة مواقع ضمن مواقع التّراث العالمي، لكنها تحتوي على أقدم المستوطنات البشريّة المعروفة في المنطقة يصل عمرها لـ 8000 عام، فيما بعد كانت عُمان والتي تشمل كلّ أراضي السّلطنة اليوم امتداداً لكامل الإمارات العربيّة المتحدة، كانت ملاذاً آمناً للهجرات العربيّة الأولى التي جاءت بعد انهيا سدّ مأرب، ولدى مراجعة تاريخ هذه المنطقة بالتفصيل سنجد أن الكثير من التّطورات السّياسيّة رافقتها، وأشهر القبائل العربيّة مرّت في أرضها، ومنهم من عاش فيها ردحاً من الزّمن، ومع كلّ هذا التّقلب بالإضافة للطبيعة الجغرافيّة، والاحتكاك مع الغرباء دوماً نجد أن عُمان بلد فريد من نوعه بين دول الخليج العربي، وفيه من العمق والأسرار الشيء الكثير، بل إن غموضاً يرافق كلّ زائر لعُمان أثناء تجواله في مدنها والتّعرف عليها لأنها تحتوي المزيد من التّاريخ، والحكايات، والتفاصيل الناّدرة والمهمّة.
تمتلئ هذه السّلطنة بالقلاع والحصون والأبراج والبيوت القديمة والمساجد الأثرية، والشواهد التّاريخيّة، التي يصل تعدادها إلى 500
موقع، وهذا أمر طبيعي نسبة للأحداث التّاريخيّة المكثفة التي عاشتها المنطقة، لكن ما يلفتنا هناك هو الزّي الاحتفالي الذي يرتديه أهل المنطقة أثناء الاحتفالات، فهناك تمسّك بالعادات والتقاليد والأزياء، واحترامٌ وافٍ لها لدى الأجيال، بالإضافة للخناجر التي تُعقل على
الخصور كدلالة على الشّجاعة والبسالة لدى العُماني، وتذكيراً بقوّة الشّعب في حماية أراضيه ومُسّتقره.
من أميّز الأشياء في عُمان أنها منجم لآثار النيازك وحجارة المريخ والقمر إذّ تزوّد 20% من النيازك في العالم التي تعدّ ثروة دراسيّة
للباحثين في علوم الفضاء، أمّا الطبيعة فهي تتنوّع بين البحر والشواطئ والجبال والتّلال والصحارى والأفلاج والقنوات والينابيع
والواحات وغيرها، لذلك نجد تنوّعاً في الحيوانات والطيور هناك بسبب المُناخ المتعدّد الأوجه، وتُعدّ صلالة المدينة الأكثر سحراً بما
يتعلق بمناخها وغرابة تعامل الطبيعة مع الإنسان هناك.
عُمان بلدٌ زاخر بالأسرار والتفاصيل السّحريّة، ولن يسعنا ذكر كلّ ميزات هذا البلد وتفاصيله الجميلة، لكن الجناح العُماني يعبر بالكثير
عمّا أشرنا إليه في معرض إكسبو 2021 في دولة الإمارات العربيّة المُتّحدة.
