السّقوط إعلاميّاً

لا أعرف إن كان بالإمكان تسمية البرنامج الذي يطلّ فيه “رامز جلال” كلّ عام بالسّقوط لأنّه لم يقدّم شيئاً في برنامجه حتّى يسقط منه سهواً أو خطأً. ولكنّ الكلمة جاءت هنا بمعناها الآخر وهو الدّناءة واللّؤم، ذلك لأنّ التّفاهة عندما تتجاوز حدودها المعجميّة والاصطلاحيّة والمنطقيّة آنذاك لا يكون المحتوى المُقدَّم في البرنامج تليق به كلمة التّفاهة، بل هي الدّناءة بعينها!
لم أستطع إلى الآن استيعاب الكمّ المبتذل والمتصنّع والفارغ في الصّراخ والعويل الهيستيريّ في سبيل تسخيف عقل المشاهد وقولبته ضمن سياق توحيش فكره وإفساده! وكأنّنا أصبحنا نعيش فقراً مدقعاً في الأفكار المفيدة والمبتكرة كي نلجأ لمثل هذه النّتاجات الإعلاميّة السّيئة.

في كلّ حلقة يخرج إلينا “رامز جلال” مع إحدى الشخصيّات المعروفة فنيّاً في العالم العربيّ لتصوير الهلع الكاذب الذي يصيب هذا الفنان أو تلك الفنانة من أجل صناعة الضّحكة على وجه المشاهد، وهذا كلّه من أجل تضخيم نسبة السّاديّة في المجتمع كي تتحوّل إلى أسلوب حياة يعتنقه الفرد ويمرض به، بل وليجري في دمه دون وعيّ منه ليزداد تلذّذاً في رؤية عذابات الآخرين.
لا غرابة في الدناءة عندما تلعلع لوحدها، من يدري، فقد تكون هذه اللعلعة إحدى هلوسات العصر، ولكن عندما تصرف شركات كبرى الملايين من الأموال لدعم وتمويل مثل هذا البرنامج الرّديء، وحشده بالمستلزمات المكلفة والباهظة فاعلم يا حضرة المشاهد المسكين أنّ الغاية الأولى والأخيرة هي التّدمير الشامل للقيم الفكريّة والفنيّة والخُلقيّة عندك، إذ ما عدنا بحاجة إلى محتلّين لاغتصابنا فكريّاً، طالما هناك من أمّتنا من يعمل بالوكالة عنها ولصالحها، ومن غير أن ترفّ لهم عين!
