أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأمواهب واعدة

ساعدوا المتنمّر للقضاء على التّنمّر

مرح فريج

يُسخر من أشكالنا، وملامحنا، وألوان بشرتنا، والسّواد أسفل العيون، يُستهزئ بتحصيلنا العلمي، وعلاماتنا المدرسيّة، وشهاداتنا الجامعيّة، يُضحك على وضعنا الاجتماعي، ومكانتنا في التّصنيف الطّبقي، ويُلقى على أحلامنا بالدّعابات، ويُشمت بنا عند الفشل، وكلّ شخصٍ يسخر، ويستهزئ، ويضحك، ويُلقي بالدعابات لإضحاك مجموعة من الأشخاص على شخصٍ آخر؛ ننعته مباشرةً بالمتنمّر ونصفه بأبشع الكلمات.

فلا تنكروا أنّنا جميعاً نلوم المتنمّر على لسانه السّليط، من دون أن نراعي شُعوره النّفسي المتأزّم، وماهي الأسباب الّتي دفعته للجوء إلى السّخريةِ من الآخرين، وتفريغ شعوره المكبوت بمن هم أضعف منه.

ننسى بأنّ المتنمّر يُعاني من عُقدٍ نفسيّة، وأهمّها: عقدة النّقص، الّتي تدفعه لتشويه سمعة الآخرين، والاعتداء عليهم لفظياًّ، للتّقليل من شأنهم، وجعلهم أقلّ قيمة منّه، مستمتعاً بلذّة الانتصار، أو على الأقلّ جعلهم مساويين لهُ، لأنّه يكره رؤية الآخرين يفوقوه نجاحاً، وذكاءً، أو حتّى جمالاً، وسخاءً.

لكن لا نفكّر، ولو لبرهةٍ من الزّمن، تفهّمه هو أيضاً، أو مساعدته، والتّخفيف من آلامه النّفسيّة، الّتي يعاني منها في سرّه، جميعاً نتفهّم الشّخص الذي يتعرّض للتنمّر، ونواسيه بأجمل وأرق الكلمات وأعذبها، ونشحن معنويّاته ونرفعها، نقف معه، وفي صفّه دائماً، لنخفف الألم النّفسي الذي تعرّض لهُ لفظيّاً من قِبلِ زميلٍ أو قريبٍ.

ساعدوا المتنمر

لكن لم لا نواجه عقدة النقص الّتي يعاني منها المتنمّر ونحاول علاجها، ونلومه هو عوضاً عن لوم عائلته، فالمُلام همّ الأهل، وليس ولدهم المتنمّر، فهم السّبب الرّئيس لوصول ابنهم إلى هذا الحال من ضعفٍ في بناء شخصيّته، لذلك يجب علينا بدايةً إلقاء اللّوم على إهمالهم، وقلّة اعتنائهم بأولادهم والاستماع لقصصهم اليوميّة، الّتي يعيشونها بعيداً عن ناظريهم خارج جدران البيت.

الشّخص المتنمّر أيضاً بحاجة إلى أن يُسمع، ويُنصح، وإلى شخصٍ يقف إلى جانبه، ويُشجّعه على حبّ ذاته، وأن يشكر ربّه على كلّ ما يملكه، لا أن يُوبّخ بشكلٍ مستمرٍ، فبهذه الطّريقة نجعله أكثر تمرّداً وشقاوة.

اسمعوا أبنائكم، وتفهموهم، اصغوا لشكواهم، وحاولوا مسايرتهم برحابة صدر، لا أن تتذمّروا منهم مراراً، فأنتم المسؤولون عن بناء شخصيّتهم، وأنتم المذنبون لا أولادكم، فإن كنتم غير قادرين على الاستماع لشكواهم قبل أحاديثهم العاديّة، وثرثرتهم المضحكة، لا تنجبوهم أرجوكم، فهذا العالم كاد أن يصبح كـ مستشفىً للمجانين، من قلّة التّربية والاهتمام، فلا أحد منّا يستطيع أن يتحمّل أكثر هذا النّوع من البشر، وقولاً واحداً لا رجوع عنّه، الحقّ يقعُ عليكم لا عليهم! فـ بحقّ السّماء انتبهوا إليهم، فهذا الحدّ من الأذى النّفسي يكفينا، ويكفيهم.

ساعدوا المتنمر

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى