هل أعطى العرب “روجيه غارودي” كما أعطاهم؟!

يُعدّ “روجيه جارودي”، الفيلسوف والكاتب الفرنسي، أحد أبرز المُدافعين عن القضيّة الفلسّطينيّة، ويسميه البعض رجاء جارودي، المولود في 17 تموز / يوليو من العام 1913.

بعد رحلة من عشرات السّنوات قضاها بين النشاط المعرفي، والسّياسي، وتدريس الفلسفة في السّوربون، والانتقادات اللاذعة لكلّ ما رآه خاطئاً عبر حياته، قرّر اعتناق الإسلام، وكتب مؤلّفاتٍ حول الدّين الإسلامي، مثل: “وعود الإسلام”، و”الإسلام يسكن مستقبلنا”، لكن لم يعرفه العالم العربي إلا بعد هذه الخطوة في حياته، على الرّغم من مشاكساته الكثيرة، التي كانت أثناء انتسابه للحزب الشّيوعي، وملاحظاته على القيادة في الاتحاد السوفياتي، وغيرها، كما كان من نشاطاته اللاحقة الانتقادات الصّريحة لتيارات الفكر الإسلامي المعاصرة.

بعد مجازر إسرائيل في صبرا وشاتيلا اللبنانيّتين في العام 1982، أصدر “غارودي” بياناً احتل صفحة كاملة في جريدة “لوموند” الفرنسيّة بعنوان: معنى العدوان الإسرائيلي، وكانت شجاعة كبيرة منه في ذلك الوقت.
حصلت صدامات لاحقة بين “غارودي” والمنظمات الصّهيونيّة، وشُنّت ضدّه حرب كبية ابتداءً من بلده الأصلي فرنسا، وفي كلّ أنحاء أوربا وأمريكا، وفي العام 1998 أدانته محكمة فرنسيّة، بتهمة التّشكيك في محرقة اليهود، التي ذكرها في كتابه “الأساطير المؤسّسة لدولة إسرائيل”، وحكموا عليه بالسّجن لمدّة سنة مع إيقاف التّنفيذ.

لم يعطِ العرب هذا المفكر والفيلسوف الكثير، كما أعطاهم هو، إلا ما تداولته الصحف ودور النشر من ترجمة مؤلفاته، وجائزة الملك فيصل العالميّة سنة 1985م عن خدمة الإسلام، ولدفاعه عن القضيّة الفلسطينيّة، كما حصل على الدكتوراه الفخريّة من جامعة قونية في تركيا سنة 1995، لكنهم لم يستفيدوا من وجود هذا الشّخص لا سيّما وأنه رحل عن عالمنا في مرحلة متأخرة، يوم 13 حزيران / يونيو من العام 2012.