حكاية الديناصورات السورية
الدكتورة وفاء عادل الحلبي تكشف لنا الحقيقة علميّاً

ستذهلُ عندما تقف أمام شخصيّة تبحث عن الدّيناصورات في سوريّة! ستعود بك الذّاكرة سريعاً لأفلام السّينما الهوليوديّة، مثل: “جيوراسيك بارك”، “جيوراسيك وورد”، “ماي بيت داينوسورز” وغيرها من الأفلام الشّهيرة التي تناولت نفس الموضوع، لكن بلحظةٍ ستعود من خيالك إلى الواقع، لتتفحّص كلاماً مثيراً عن التّاريخ التّطوّري للكائنات المنقرضة منذ ملايين السّنين، هنا في بلدك! فخذُ ديناصور، أسنان طائرٍ عملاقٍ لاحم، هيكلُ جملٍ عملاق، فكُّ ماموثٍ منقرض بحجم بيتٍ كبيرٍ … كلّ ذلك وأكثر من خلال باحثة سوريّة تنقّلت بين بلدان العالم، تعود اليوم إلى موطنها الأصلي، ساعيّةً للكشف عن أسرار ديناصورات فقاريّة وغيرها! الدّكتورة وفاء عادل الحلبي ومزيدٌ من الكلام العلمي الدّقيق، وأبحاث مُرفقة بصورٍ موثّقةٍ، كلّها تشير إلى أن سورية مليئة بالمستحاثّات والاكتشافات الغريبة والمرعبة معاً! وما يزال الأمر غير معروف من السّوريين أنفسهم، وفقط علماء غربيون يمتلكون بعضاً من هذه الأسرار!

تتكاثرُ الأسئلة في دماغك عندما تَطْرُقُ مسامعكَ معلوماتٍ عن اكتشافاتٍ لمستحاثاتٍ وُجدَت في بلادنا، حيث تحدّد الدكتورة “وفاء” بأنّ عمرها الزّمني يعود لفترةٍ تقدّر ما بين 70 إلى 75 مليون سنة! منها:
– عظمة ساق ديناصور لاحم في محيط مدينة دمشق، محفوظة في متحف نيويورك الأمريكي للتّاريخ الطّبيعي.
-عظام تماسيح وسلاحف، موجودة في متحف مونبليه الفرنسيّة.

N BARDET, H CAPPETTA, X PEREDA SUBERBIOLA, M MOUTY, AK AL MALEH, AM AHMAD, O KHRATA, N GANNOUM
Geological Magazine 137 (3), 269-290, 2000
– أيضاً عظام الجمل العملاق التي يعود تاريخها لـ 100 ألف عام، يصل ارتفاعه لـ 3 أمتار، موجود في متحف في سويسرا.

Martini, Pietro. Camel fossils from the El Kowm Basin, Syria : diversity and evolution. 2017, Doctoral Thesis, University of Basel, Faculty of Science
– الزّاحف البحري – الذي تدرسه حالياً – موجود منه سن وفقرة في مكتب أحد الباحثين الفرنسيين.
لكن ماذا على الصّعيد المحلّي؟!
تقول وفاء عادل الحلبي، على الصّعيد المحلّي لدينا الدكتور فواز الأزكي، الذي جمع عدّة مستحاثات لكنّها من دون دراسة تُحدّد تاريخها وأصلها، أيضاً لدينا في سوريّة عدّة مختصّين في المستحاثات اللافقاريّة، والمجهريّة، التي لها دور كبير في اكتشاف النّفط والفوسفات وغيرها، أمّا عن عظام الأسماك فهي كثيرة وشائعة في كلّ دول العالم، ومنها سوريّة وفيها دراسات نشطة ومهمّة، لكن أهمّ ثلاثة عظام سوريّة فنجدها موزّعةً في متاحف العالم، وغير موجودة في سوريّة للأسف، وتشير الدكتورة “الحلبي” إلى أنّها لن تتفاجئ مستقبلاً بوجود مستحاثّات سوريّة في متاحف غربيّة غير التي وجدتها، والتي أسلفنا بذكرها أعلاه.

“بليزوصور” المنطقة التّدمريّة
تعود بي الذّاكرة إلى العام 2017 حيث عُرض في سوريّة لأوّل مرة مجسّم “بليزوصور” سوري، وأذكر أن بعض الـ”فيسبوكيين” شكك في مصداقيّة وجود مثل هذا الاكتشاف، ويبدو أن عودة الدكتورة وفاء الحلبي ارتبطت بهذا الاكتشاف المثير، وعنه أوضحت لنا: “الزّواحف البحريّة ضمن التّاريخ التّطوّري للكائنات تُعدُّ ملوك البحار في زمنٍ كانت فيه الدّيناصورات ملوك الأرض، وكان الـ”البليزوصور” المفترس الأوّل بين الكائنات البحريّة حينها، يصل طوله 13 متراً، والرّقبة وحدها تصل لـ 7 أمتار بـ 72 فقرة، هو كائن متطوّر بحركته ضمن الماء والسّباحة، موجود في كلّ دول العالم تقريباً، وهذا الـ”بليزوصور” السّوري من فترة العصر الكريتاسي. يعود الفضل في اكتشافه للمؤسّسة العامّة للجيولوجيا والثّروة المعدنيّة، حيث عُثِرَ عليه أثناء المسح الجيولوجي في منطقة تدمر الغنيّة بالفوسفات وتحديداً في تلّ صوان، بقيادة الدكتور خالد محمد يزبك، المختصّ في المنخربات والمستحاثات المجهريّة. هذا الـ”بليزوصور” معروض حاليّاً في المتحف الجيولوجي، لم يصنّف في دراسة علميّة دقيقة، حيث أنّه لا يحمل اسم علمي دقيق باسم سورية، وهذا ما أسعى إليه”.

تعود أهميّة “بليزوصور” تدمر كونه مؤلّف من 52 فقرة مع الأضلاع، بينما الـ”بليزوصورات” المكتشفة، في الدّول المحيطة بسورية، مؤلّفة من سنّ أو فقرة أو عدّة فقرات كحدٍّ أقصى، من دون هذا الشّكل الكبير، لذلك هو ثروة وطنيّة سوريّة، وتسعى الدكتورة “وفاء” اليوم لدراسته وتوثيقه وتسجيله علميّاً على مستوى العالم.

إلى ماذا تطمح الدكتورة وفاء عادل الحلبي أيضاً؟
تؤمن الباحثة السّورية بأنّه يوماً ما سنصل لمتحف مستحاثات، نطالب من خلاله بعودة المستحاثات السّوريّة المنتشرة في متاحف غير سوريّة، ليكون مركز استقطاب سياحي وعلمي يساهم في الدّخل القومي السّوري.
كما يهمها تعريف الجيل الجديد بأهميّة بلده، ليس فقط ضمن التّاريخ الحضاري البشري بل أيضاً في تاريخ المستحاثات وعمر كوكب الأرض.
