أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأ

حُلم الكرسي الفارغ

مرح الحصني

يقول الأديب الإيرلندي “جورج برنارد شو”: “بعض النّاس يرون الأشياء كما هي ويتساءلون لماذا؟ وآخرون يحلمون بأشياء لم تكن أبداً ويتساءلون لم لا؟!”.

عندما نتحدّثُ عن الكرسي الفارغ؛ لا نقصدُ أحد تقنيّات مدارس علم النّفس، والتي يقوم فيها المريض بالجلوس أمام كرسيٍّ فارغٍ، والحديث معه على أنّه يرتبط به بصلةٍ وثيقةٍ لتفريغ جميع الضّغوطات الدّاخليّة، بلّ نتحدّث عمّا هو أعمق من الطبّ النّفسي بكثير، فإن كان لديكَ أحلام كثيرة في هذا العالم تأكد أن لديكَ حلمٌ مشتركٌ مع جميع أبناء منطقتكَ في هذه البقعة الجغرافيّة، في ظلِّ هذه الفوضى العاصفة بنا، ابتداءً بالذّهن وصولاً إلى باقي الأشياء العامّة في حياتنا، تجدُ أنّك، ومنذُ أن تخرج من باب بيتكَ تحلمُ بالحصول على كرسيٍّ فارغٍ في هذا العالم، تصعدُ الحافلة العامّة في وسط الحرّ حالماً بوجودِ كرسيٍّ فارغٍ، حتّى ولو كان في نهاية الحافلة، ليس مهمّاً أين يقع المهم أن تستريحَ قليلاً، تقفُ في الطّابور منتظراً أن يأتي دوركَ، وأنتَ تحلم بهذا الكرسيّ، تستريحُ عليهِ ريثما ينتهي الطّابور أمامكَ، تدخلُ مؤسّسةً لتنجز ورقةً مهمّةً، وأنتَ تحلمُ أن تجد كرسيّاً فارغاً تستريحُ عليهِ بعد أن تصعد وتنزلَ جميع الطّوابقِ في المبنى، تدخلُ الجامعة وأنتَ تحلمُ أن تجده في الصّفوف الأولى في المُدرج، وهكذا تتعدّدُ الرّحلاتُ اليوميّة، ويبقى حلمُ الكرسي الفارغ واحد مهما اختلف الأشخاص.

حُلم الكرسي الفارغ

ربّما الحكمة ليست بالكرسي نفسه، إنما الهدف الذي نسعى إليه هو الرّاحة، الرّاحة التي نفتقدها خلال يومنا، ومنذ لحظة خروجنا من البيت، كالخارج إلى الحرب حتّى اللّحظة التي نضع فيها رؤوسنا على الوسادة التي لا نحظى فيها ولا بمساحة صغيرةٍ من الرّاحة حيث تكادُ تأخذُ حجم كرسيٍّ صغيرٍ، لأنّ العالم الذي يدوي في رؤوسنا يشاطرنا هذه الوسادة، وببساطة نشعر وكأنّ كلّ شيء في هذه الحياة يحتاج إلى العراك حتّى نحصل عليه، لذا من المهمّ أن ينتهي كلّ شيءٍ باللجوء إلى استراحة المحارب.

حُلم الكرسي الفارغ

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى