تُكسف الشمس مرتين في بلادنا

قبلَ عدّةِ أيّامٍ، بدأت وسائل الإعلام كافة، ومواقع التّواصل الاجتماعي، بتحذير المواطنين، وأخذ الحيطة، والتّنبيه بعدم الخروج من البيوت خلال الفترة التي يقع فيها كسوف الشّمس.
أيضاً حذّرت الجمعية الفلكيّة من النّظر لقرص الشّمس مباشرةً أثناء وقوع الكسوف فيها، وذلك على حدٍّ سواء، بالعين المجردة أو باستخدام النّظّارات الشّمسيّة، أو أيّة وسيلة تظليلٍ مثل زجاج السّيارات العاتم وغيرها، وانتشرت المعلومات العلميّة بأنّه لن يكون هناكَ تعتيم أو ظلام، فالجزء المتبقّي من الشّمس يقدّم الإضاءة الكافية لإنارة جغرافية المكان …
كانت التّحذيرات من أجل لفتِ انتباه المواطنين، فالأضرار قد تُلحِق بشبكيّة العين الأذى، والتي قد تصل إلى درجة من العمى الدّائم أحياناً، ويعود ذلك لخطورة الأشعة فوق البنفسجيّة، والأشعة تحت الحمراء، حيث تقوم بدورها في تسخين شبكيّة العين.

نحن اليوم أسرى عصر التكنولوجيا، تحديداً مواقع التّواصل الاجتماعي، من “انستغرام”، “فيسبوك”، و”تويتر” … التي جميعها ضجّت بمنشورات تحذّر من كلّ ما سبق أعلاه، وكذلك كان الأمر بين يدي وسائل إعلام مثل التّلفاز والرّاديو والصّحف ومواقع الأخبار، لكن اللافت والغريب في الأمر كان عدم اهتمام المواطنين أغلبهم، بكلّ ما يجري من تحذير وتخويف وتوعية معاً، إذ لم يعطوا أيّة أهمّيّةٍ للمنشورات تلك، بل فعلوا عكسها تماماً! ففي الوقت المحدّد خرجوا ليشاهدوا ماذا يحدث؟! وبكامل تركيزهم ينظرون إلى الظّاهرة في السّماء! والسيّارات بقيت تعجّ في الطّرقات الرئيسة على الأقل، وضجيج أبناء المدارس كان حاضراً أثناء عودتهم من مدارسهم إلى البيوت!

هل هذا جهلٌ أم قلّةَ وعيٍ أم عدم إدراكٍ لكميّة المخاطر الحقيقيّة التي قد تتأتى؟!
هل يا ترى نستطيع توجيه اللّوم عليهم وحدهم بعدم ثقتهم بمنشورات الوسائل الإعلاميّة وتصريحاتها؟ أم نرمي اللّوم على الوسائل الإعلاميّة التي لم تعد اليوم مركز ثقة بسبب كثرة المنشورات الخاطئة والمغلوطة عن هذه الظّاهرة وغيرها من الظّواهر؟
أسئلة لا بدّ من طرحها فهي جديرة بالبحث وجدير بكلّ شخص منكم أن يسعى للإجابة عليها …