بليغ حمدي عبر حكايات عثمان حناوي

كان يا ما كان بلغة أهل الطّرب في ذلك الزّمان …
زمان الفنّ الأصيل، فنّ الكلمة واللّحن اللّذان يصلا إلى شغاف القلب بلا استئذان …
أمسية من المحطّات والذّكريات التي ما تزال حيّةً في ذاكرة المحبّين والذّواقين، من خلال حكاياتٍ مرويّةٍ مشوّقةٍ عن بليغ حمدي على لسان الباحث الموسيقي عثمان حناوي.

ذاكرة بليغ
تمحورت المرويّات عن شخصيّة الموسيقار بليغ حمدي. من منّا لا يعرف ذلك العبقري؟! وإن لم يذكره شكلاً أو شيئاً من تفصيلات حياته، فلا بدّ أن تعلّق على الأقلّ بلحنٍ من ألحانه.
عندما يُخلّدُ اللّحنُ يصبحُ جزءاً من تاريخ البشر …
يحمل ذكرياتنا العزيزة، ومحطّات من عمرنا، فكلّما سمعنا اللّحن، يغرد به صوتٌ ساحر، كلّما استعدنا مجد تلك المراحل الثّمينة، والغالية على نفوسنا، هكذا هي الحكاية مع “حبّ إيه” وسيّدة الغناء العربي أمّ كلثوم، “حاول تفتكرني” والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، “احضنوا الأيّام” ووردة الجزائريّة، و”فاتت سنة” ومطربة الجيل ميادة حناوي.

على المحبة
ما أجمل هذه الاستعادات النّفيسة، من صاحب برنامج “نثرات من دهب الزمان” مع “هيومة”، إنّها استعادةٌ تجمع النّاس على المحبّة، وتقرّبهم من ماضيهم المشترك، وتجعل العيون أكثر بريقاً … هكذا كانت أجواء الأمسية، تتمحّور حول اللّحن الجميل؛ ولكن الجمهور كان جميلاً أيضاً، بحضوره، وتصفيقه، وشجنه، وسعادته …

عِشرَة
عثمان الحناوي؛ الذي رافق الرّاحل بليغ حمدي في دمشق قرابة الخمس سنوات، استطاع أن يكون رفيقاً وصديقاً وشاهداً على عبقريّة هذا الفنّان العظيم، فكانت رحلة الذّكريات تلك، رحلة من التّفاصيل المملوءة بالقصص، والرّوايات، ودقائق الأمور، بين منافسةٍ وانتصارٍ وإخفاقٍ وتجريبٍ، وانطلاقات استمرّت إلى حين جاء الموت بكلّ إصرارٍ وانتزع “بليغ” منّا، فخسرنا فنّه، لكنّه أوفى ما عليه من واجباتٍ للعالم العربي من المحيط إلى الخليج وفي كلّ مكانٍ وزمان …

شكراً عثمان الحناوي لهذه السرديّات الحاملة للأمل، وللفنّان إيهاب مرادني الذي رافقه في التّقديم والانتقال بالمراحل واحدةً تلو الأخرى، وللموسيقي البارع عدنان الحايك الذي أراح الأذن عبر معزوفاته على آلة الكمان رفيقة دربه، وشكراً للمنتدى الاجتماعي الذي ضمّ الفعاليّة وآنسها لتكون هي ذكرى وفيّة لتاريخٍ لن يزول …
