النّساء السّاديّات …
بيسان خلف

إلى جميع النساء اللواتي يطالبن بالمساواة مع الرّجل، وينتظرنه ليدفع الفواتير، كفاكنّ نقراً في رؤوسنا على الـ”فيسبوك” بمساواتكنّ المزيّفة! هل تعلمون أن المساواة معه بعيدة كلّ البعد عمّا يدور في رؤوسكنّ؟! كيف تطالبن بها وأنتنّ تلقون على عاتقه تكاليف حفلة الخطوبة وملابسكن الباهظة الثّمن، والسيّارة الفارهة؟! وتنظرن إلى أميرات “ديزني”، ثمّ تحلمن بأمير ينقذ حياتكنّ! وعندما تشاهدن امرأة تترك العمل لتهتمّ بأطفالها تنهلن عليها بكمٍ هائلٍ من محاضرات المساواة، لكن إذا رأيتنّ فتاة تشارك خطيبها في تكاليف حفلة العرس تصرخن بوجهها، أنّ أخلاق الـ”جنتل” يجب ألا تسمح لها بدفع ولو ثمن علكةٍ له.
مساواتكن المحرّفة، يا عزيزاتي، جعلت الرّجال يستهزئون بنا وبإمكانيّاتنا، لدرجة أنّ التّلفّظ بكلمة مساواة أمام بعض الرّجال أصبحت موضع سخرية، فقط بسبب فهمكنّ السّيء للتّشارك معه، وحمل نصف أعباءه، ومن الطّبيعي أن يسخروا، لإنّه عندما يذهب أحدهم لخطوبة إحداكنّ، فوراً تبدأ المسؤوليّات، “حفلة خطوبة خمس نجوم، سهرات، ثياب ماركة، مناسبات تخترعينها كأوّل قبلة مثلاً”، وفي المقابل لا تقدّمين له شيئاً سوى المزيد من قوائم الطّلبات التي تكاد لا تنتهي.
في ظلّ أزمات الاقتصاد التي عصفت في مجتمعاتنا، بات الرّجل حقاً بحاجة لمساواتكِ معه، ولم يعد يحدّ من فعاليّتكِ في المجتمع، لكنّه يحتاج أيضاً لواجباتكِ في هذه المساواة، التي تتمثّل بمساعدته ماديّاً لبناء مستقبلكما معاً يداً بيد، فكما تساويتِ معه في الحقوق أنصفيه بالواجبات أيضاً، وابتعدي عن نصائح صديقتك “فيفي” الخبيرة بالـ”جنتل مان” وأطباعه، فالرّجل الرّاقي يا عزيزتي هو من يحترم تفكيرك ويتقبّلك كما أنتِ قبل كلّ شيء.

في الحقيقة لا يقع اللّوم كلّه عليكنّ، فشراسة النّساء الشّرقيّات هي من أوصلتكنّ إلى هنا، عبر كتابة آلاف المنشورات، وصناعة البرامج الرّقميّة المعادية للرّجال فقط بداعي العداء، وتجاهل نشر المفهوم الصّحيح لحقوقكن، وواجباتكن في المجتمع والبيت، حتى بدأتنّ بنقد بعضكنّ، فالتي حققت أعظم إنجاز في الحياة، وأقصد الأمومة، ووهبت حياتها لأطفالها، ولم تسلم من النّقد، واتهاماتكم لها بالخضوع للرّجل، وفي مكانٍ آخر أثار اشمئزازكنّ منظر فتاة تساعد والدها في تصليح سيّارته، ووصفتنّها بالمسترجلة، أمّا تلك التي لم تطالب بمهرٍ غالٍ، وقدّرت ظروف خطيبها الماديّة؛ قد أصبحت من وجهة نظركن رخيصة.
أكثر شيءٍ يثير استغرابي هو منشوراتكنّ الـ”فيسبوكيّة”، التي تدّعون فيها التّأثر بالمرأة الغربيّة، وهنا دعوني أخبركنّ أن هذه المرأة الغربيّة وصلت في المساواة للحدّ الذي سمح لها بتسلّم مناصب رئاسيّة، وقيادة مجتمع، لكنّها تشارك زوجها في كلّ شيءٍ تقريباً، بدءً من مصاريف البيت، والأطفال، وانتهاءً بالأعمال الشّاقة التي يمارسها الرّجل عادةً في مجتمعنا.
أيّتها المرأة الشّرقيّة، يا صديقتي، بعض المواضيع لا ينفع معها اللّون الرّمادي، فإمّا أبيض أو أسود، اخترتِ المساواة فخذيها على محمل الجدّ، لا تنغري بعضلات الرّجل، فهي مجرّد اختلاف طبيعة بيولوجيّة، وليست دليل على قوّة الصّبر، وتحمّل أعباء الحياة، وطلباتك الخياليّة، أرجوكِ لا تقفي في منتصف الأشياء، إمّا أن تتأثري بنعيم قصص “ديزني” الخياليّة، أو أن تشاركي ذلك “المسكين” على مصاعب الحياة، لكن رجاءً اتركِ منصّات النّساء السّاديّات.