رامبرنت … رحلة المآسي
فنان من هولندا عاش بين عامي 1606 و 1669، وحياته كلّها مآسي، اسمه الكامل “فان رين هارمينسون رامبرنت”، من أهمّ فناني أوروبا، يعدّ أعظم فنان هولندي، كان لامعاً في رسم الوجوه منذ شبابه، أمضى نهاية حياته في نكباتٍ متلاحقة، وصعوبات ماليّة كبيرة، على الرغم من أنه كان مشهوراً في حياته، وبقي الأستاذ لجميع فنّاني هولندا مدّة عشرين عاماً.
تتألف عائلته من عشرة أخوة، عاش منهم ستة فقط، ترتيبه الرابع بينهم، والده كان طحّاناً، ووالدته ابنة خباز، تجوّز إحدى قريباته لأسبابٍ اقتصاديّة، وبعد علاقة حبّ.
بدأت رحلة الآلام بوفاة أوّل طفل بعد ولادته بشهرين، ثمّ وفاة ابنته بعد الولادة بأسبوعين، لكن القصّة لم تنتهِ هنا بل استمرت بوفاة ابنته الثانية بعد شهرٍ من الولادة، وهكذا إلى أن وُلِدَ “تيتوس” المولود الرابع، والفاجعة أن الأمّ دخلت بعدها حالة مرضٍ لتموت سريعاً، والطفل ما يزال صغيراً.
عيّن “رامبرنت” فتاةً لتعتني بالطفل، وتهتم بشؤون المنزل، فنشأت علاقةٌ بينها وبين “رامبرنت”، وما يؤكدُ ذلك أنها اتهمته بعدم الوفاء، والتهرب من الزواج بها، فاتهمها بسرقة مجوهرات زوجته المتوفاة، وعلى إثر ذلك دخلت مشفى الأمراض العقليّة، بعدها توجّب عليه تعيين فتاة جديدة لتقوم بشؤون المنزل وتربية الأطفال، وكانت أصغر منه سنّاً بكثير، ومجدداً نشأت علاقةٌ بينهما، وهذه المرّة تزوج الفتاة، وقامت مراسم الحفل في البلدية، فالكنيسة لم تقبل بزواجهما، وتتهمها بأن عيشةً حرام وقعت بينهما.
رُزِقَ “رامبرنت” بطفلة جديدة، وأغدقت عليه الحياة، وبدأ بتبذير أمواله، لكن فيما بعد مرّ بصعوبة ماليّة، فباع البيت وكلّ ما امتلكه في المزاد العلني، ولم تنتهي الضائقة الماليّة بل بقي على معاناة في حياته التي قست عليه مجدداً بوفاة الزوجة الشابة بعد أن مرضت وعانت، واستمرت سلسلة الموت، فشهد موت “تيتوس”، وبعدها ببضعة سنوات توفى “رامبرنت”.
عظمة أسلوب هذا الفنان جاءت من استعماله الغامق والفاتح، ومن استعمال وتوجيه الضوء الذي استوحاه من الإيطالي “كارافاجو”، وقد كان بارعاً برسم الشكل أو الموضوع بطريقةٍ واقعيّةٍ، ومسرحيّة، ومن دون قساوة، ومن ميّزات رسوماته أنه كان عاشقاً لرسم الإنسان بغض النظر إن كان غنيّا أم فقيراً.
