الشّباب بين مطرقة الزّواج وسندان العزوبيّة
“ريتينغ” تستعرض آرائكم حول تأخر الشّباب في قرارهم بالزّواج.

قال سقراط ذات مرّة: “عليك السّعي طلباً للزّواج بشتّى الطّرق، فإن حصلت على زوجة جيّدة فستصبح سعيداً، وإن حصلت على زوجة رديئة فستصبح فيلسوفاً”.
نجدُ أنفسنا اليوم أمام العديد من إشارات الاستفهام حول تأخر الشّبّان بالزّواج، ولا سيّما أن العمر المتعارف عليه لزواج الشّبان في البلاد العربيّة بين الـ 22 إلى 30 سنة، نجد اليوم أن الموازين اختلفتْ، وأن معظم الشّبّان عزفوا عن فكرة الزّواج، أو أصبحت الفكرة خطّة متأخرة لا يتمّ التّفكير بها حتّى إشعارٍ متأخرٍ جدّاً، وبناءً على نتائج بحثٍ قامت به “ريتينغ” على وسائل التّواصل الاجتماعي، طرحت من خلاله السّؤال التّالي:
(ما السّبب وراء تأخر الشّباب في الزّواج؟)
نسبة قليلة جدّاً من الإجابات كانت تدور حول فكرة أنّ الزّواج فعل لا هدف حقيقي منه، وما هو إلا عادات وتقاليد، ويمكننا ألاّ نخضع لضغط المجتمع والانصياع لرغباته في أن نقضي حياتنا سجيني قفص الزّوجيّة، أمّا ما اجتمع عليه العديد من الشّبّان فقد كان الخوف من المستقبل في بلد ذاهب إلى المجهول، بالإضافة إلى الوضع الاجتماعي والاقتصادي، والواقع المعيشي المتردّي، وهو ما يعاني منهُ نسبة 90 % من شبّان البلاد، نتيجة الحروب والأزمات، ولا ننسى المتطلّبات الكبيرة التي يحتاجها البيت الذي سيضمّ عروسين جديدين، من أدواتٍ كهربائيّة ومفروشات ذات أسعار خياليّة، وقد أضاف أحدهم سبباً وجيهاً جدّاً، وهو التّناقض الفكري الناتج عن عدم التّكافؤ في التّفكير بين الشّاب والفتاة، وخاصّةً أنّ الشّاب الذي يستطيع أن يفكر بموضوع الزّواج قد قضى الكثير من سنوات حياته في العمل حتّى وصل إلى ما يقارب سنّ الأربعين؛ لن يحصل على التّوافق الفكري مع فتاة بعمر الـ25 عاماً، وأنّ الشّاب الذي وصل لعمر الـ 25 عاماً، وأنهى دراسته الجامعيّة؛ لا قدرة له على تحمل أعباء الحياة الزّوجيّة، ولو فكّر بالزّواج في غرفة داخل بيت العائلة، سيصبح الأمر كارثيّاً لأنّ ظروف الحياة تغيّرت جدّاً، والبيت الذي كان يجمع أربع وخمس عائلات في السّابق؛ لا يحتمل أكثر من عائلة واحدة اليوم!

حاول الشّاب جوان ملا، صحفي، ٣١ عاماً، أن يوجز الأسباب بما يلي:
“الظّروف المعيشيّة الصّعبة في المنطقة دفعت أيّ شاب ليفكّر مائة مرّة قبل الإقدام على خطّة الزّواج، كي يؤمّن مصاريف وتكاليف يطول تعداد ما يتوجب الالتزام به بعد الشروع بهذه الخطّة، بالإضافة إلى السّفر والغربة اللّتان جعلتا كثير من الشّبّان يتعلّمون أعمال البيت من دون مساعدة أحد، وما يتبقى عليهم العمليّة الجنسيّة فقط، والتي من الممكن للشّابّ أن يلبّيها من دون زواج، وهذا المنطق منتشر سواء بالسّر أم في العلن، ما عدا الّتفكير بالهجرة لتأمين حياة الشّاب كفرد وحده أهمّ بكثير من التّفكير بالزّواج، إضافةً إلى المثليّة الجنسيّة عند فئة ليست بقليلة من الشّباب، والتي تدفع “بعضهم، وليس جميعهم، لأن منهم من يتزوجون خوفاً من المجتمع والأقاويل، رافضين بشكلٍ تامّ الارتباط بفتاة لعدم قدرتهم على الانجذاب للجنس الآخر جنسيّاً أو عاطفيّاً، وحتّى مؤسّسة الزّواج بحدّ ذاتها عند الكثير من الشّباب أصبحت مؤسّسة فاشلة أو مؤقتة غير قابلة للاستمراريّة، وهذا ما قد يلعب فيه دوراً الانفتاح على العالم، والرّغبة بالتنويع، وعدم الارتباط بأنثى واحدة مدى العمر، فأصبح حبّ الاستكشاف أوسع، عدا عن ارتفاع تكاليف الزّواج وإيجار البيوت، وارتفاع المهور بشكلٍ مخيف”.
أمّا زاهر باكير، محامٍ، فقال: “الظّروف الاقتصاديّة تأتي في المرتبة الأولى، ومتطلّبات أهل الفتاة الاستثنائيّة، التي يعجز عنها العديد، بالإضافة لأنّني لم أجد شريكة مناسبة حتّى الآن، فالزّوجات كُثر ولكن الشّريكات قليلات”.
كما أدلى زين العابدين شيبان، صحفي، برأيه عن حال الشّباب عموماً فذكر لنا:
“عدم إدراكهم ووعيهم لكلمة (مسؤوليّة)، خوفهم من تحدّي الالتزام القادم، يفضلون الانسحاب بصمتٍ من أيّ علاقة لعدم قدرتهم على الصّمود فيما هو آت، من دون حتّى أن يعرفوا ما هو آتٍ، ويُقنعون أنفسهم بتجارب الآخرين، “لك خليك عزابي يا زلمة شو بدك بالزّواج”، يريدون البقاء فيما يسمّى بـ(حوض السّمك)، والعيش بحريّة، وكما يقال “من بنت لبنت”.
ولكي أكون منصفاً بعض الشّيء، طلبات بعض الفتيات، وأهلهنّ، حول المهر والذّهب والعرس ورفضهم لكلمة (بيستاهل) التّضحية إذا كان يستحقها فعلاً، أيضاً ساهم بالعزوف عن الزّواج، وعدم الرّغبة في خوض تجربة العلاقات الجدّيّة من جديد”.

آراء عدّة وقفت عندها “ريتنغ”، اخترنا بعضها وأوجزنا العديد منها في هذا الاستعراض، لنراجع معكم أهمّ الأسباب والعوائق التي تقف في وجه جيلٍ كاملٍ خالف الأسلاف في الزّواج المبكر، ووصل لمرحلة كبيرة من التّأخر بالزّواج، ويمكننا القول أنّه وصل لمرحلة الإقلاع عن الفكرة نهائيّاً!