الخرافة وتحولها إلى حياتنا بتفاصيلها
إذا ما عدنا إلى المعجمات، والكتب المتخصّصة، وكتب الأدب، خاصّة منها الأدب الشّعبي، فإنّنا نقف عند مفهوم الخرافة الذي يلتبس على كثيرين، فإذا ما سألنا لا نجد تمييزاً دقيقاً بين الأسطورة والخرافة، لكنّ تلك الكتب تُسعفنا وتُعطينا الإجابة الدّقيقة، وهي أنّ الخرافة أمر لا أساس له من الصّحة، لا يستند إلى أرضيّة.
الخرافة ليست قصّة موجودة طالتها زيادات غيّرت من شكلها، بل هي أمر لا أساس له في أرض الواقع، بنته خيالات النّاس، ربّما كان الذي بناه حقيقةً حاجة النّاس إلى مثل هذا القَصص، خيالاتهم وحاجتهم إلى وجود أمر ما، ينسبون إليه فشلهم أو إخفاقهم أو نجاحهم هو الذي جعلهم يتعلّقون بالخرافة.

الخرزة الزّرقاء … حذوة الحصان … العجين الذي يوضع على باب الزّوجيّة عندما يتزوّج العروسان، وأشياء أخرى كثيرة لا منطق فيها، كأن نضع حذاء صغيراً أو خرزةً تردّ عين السّحر!
مع ذلك استطاعت الخرافة أن تأخذ حيّزاً كبيراً حتّى عند المثقفين، فهي وهم يدفع في الإنسان وهماً، بعضنا يقول لكَ: أنا لا أؤمن بالخرافات، لكن إن طبّقت عليه شيئاً من هذه الخرافات كأن تضرب عجينة بجدارٍ فلا تلتصق وتقع، فإنّك ستجده متأثّراً بما يمكن أن يترتّب عن هذه القضيّة التي يرى أنّها خرافة!
الخرافة إذًا لا وجود لها، لكنّها تُغني الخيال، وتجعل الإنسان سارحاً، لكنّ مشكلتنا الأكثر تعقيداً أنّنا ندّعي عدم إيماننا بالخرافة ونطلب من النّاس ألّا يؤمنوا بها، ومع ذلك تُسهم إسهاماً كبيراً في التّأثير بتفاصيل حياتنا، وربّما بتوجيهنا والتأثير على سلوكنا وقراراتنا، كأن ينفصل أحدنا عن الآخر، أو جعلتنا نرسم مستقبلنا اعتماداً على أنّ أمراً ما يمكن أن يحصل فيغيّر من الحياة التي نعيشها.

إذاً شئنا أم أبينا تُشكّل الخرافة عنصراً مهمّاً يجلس في اللاوعي الجمعي، ليحرّك بشكل أو بآخر أقدارنا، وربّما يجعلنا عاجزين عن التّحكم ببعض قراراتنا، وغير مدركين لما يحصل معنا، وعلى الرّغم من كلّ ذلك لا نعترف بأنّنا عندها تحوّلنا إلى كائنات خرافيّة من دون أن ندري!