الحبّ العابر للأديان

“نحنا المسيحيّة معروف أنو لازم نسكر تمنا ونسكت وبلا هالطّمسات“
قالتها صديقتي، وصمتت بعد أن ابتلعت مرارة خيبتها، وأخذتْ قراراً عقلانيّاً بأن تلجم صوت ضربات قلبها، الذي ينبضُ باسم “أحمد”، صديقها المسلم، الذي وجدتْ فيه نصفها الثّاني، حيث لم تجد ذلك في أحدٍ من الشّبّان أبناء جلدتها.
لا يتعلقُ الأمرُ بالأديان عندما نحبّ، فهذه المشاعر التي لا نجدُ تفسيراً لها، تتجاوز حدود الأديان والزّمان والمكان، فإذا أخذنا تعريفاً لمفهوم الحبّ على المستوى اللغويّ نجد أنه:

إحساس عظيم، وقويّ، يشعره المرء اتجاه شخصٍ ما، الأمر الذي يجعله ينجذب له عاطفيّاً بشدّة، ويتأثّر به، فيرغب في مُشاركته جميع لحظات حياته، والبقاء معه للأبد، وهو شعور جميل يرى فيه المرء شريكه في غايةً الأهميّة بالنسبة له، ويجعله أحد أولويّاته، وتُرادفه العديد من المُصطلحات العميقة، كالعشق، والاعتزاز بالحبيب، والرّغبة القويّة في العناية به، ورعايته باستمرار، وهو شعور ينمو ويزداد بمرور الوقت، فيروق فيه الحبيب لحبيبه، ويُصبح مصدراً للإلهام والشّغف، وسبباً من أسباب السّعادة والرّاحة، فكيف لنا أن نجعل جميع ما سبق متوقّفاً على اختلافٍ واحدٍ وهو الاختلاف الدّيني؟! والذي أصبح اليوم وبفضل انتشار الثّقافة بين جيل الشّباب مجرّد اختلافٍ شكليّ، لا يسمّن ولا يغني من جوع، اختلاف لا يعوّل عليه في اختيار الشّريك، إلا أنّنا في مثل هذه الحالة ننصدمُ بوجود نقطة ضعفٍ تثنينا عن قرارنا آلا وهي: الرّفض القاطع للأهل، الذين يجدون في اختيار الشّريك المختلف دينيّاً قلّة أدب واحترام، وإساءة لا مثيل لها لاسم العائلة، وخروج عن العادات لا غفران له، الأمر الذي يضعنا في حيرة كبيرة، إمّا خسارة الأهل، أو خسارة القلب، ولأنّ خوفنا من النّدم، والمجهول، يكون أكبر من أن يتحمّله العقل، ولأنّ الواجب اتجاه العائلة التي بذلت كلّ ما لديها من غالٍ ورخيصٍ لتمنحنا الأفضل، ولأنّنا سنُنعتُ بألفاظٍ أكبر من أن نحتملها، نقرّر الاستغناء عن القلب، ونلبّي الواجب الاجتماعي حتى لا نكون الخاسر الأكبر، لكن التّخلّي ليس القرار السّليم دائماً، فعلينا القيام بخطواتٍ جادّة كي نثبت للعالم أن الاختلاف ليس خطاً.
