أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأمواهب واعدة

الإمارات ترحِّب بالجميع حتّى السّوريين!

ميشلين وهبي

بعد أن أقفل العالم أبوابه في وجه السّوريين، أضاء آخر النّفق بألوان جميلة لامعة تدعوه إلى النّجاة.

كما نسمع في نشرات الأخبار: الإمارات تسعى لجعل إمارة دبي الأذكى والأكثر رفاهيّة في العالم، لكنّها الأذكى منذ الآن، إذ أنّها تعامل كلّ شخص بمفرده وبصورةٍ مباشرة.

لا تحاسبك على أيّ انتماء سواء اخترته بإرادتك أو أُجبرتَ على اختياره، وأنت وحيدٌ هنا في مواجهة الذّكاء والتّطوّر والسّرعة والرّفاهيّة، كلّها مقابل أن تحترم القانون، فإن أخطأت أو تجاوزت، أنت وحدَك من يحاسَب، وليس كلّ أفراد عائلتك أو قبيلتك أو حتّى بلدك.

أمّا من يثبت جدارةً والتزاماً فأهلاً به، كطاقة بشريّة تكسبها الدّولة، وتكسب معها كلّ ما يمكن أن تقدّمه من عمل وإبداع.

الإمارات ترحِّب بالجميع حتّى السّوريين!

الذّكاء في دبي ينقسم إلى نوعين: الذّكاء الصّنعي، الذي يصل لدرجة مبهرة من مراكز الشّرطة الذّكيّة، إلى كلّ المعاملات الحكوميّة المؤتمتة، وصولاً إلى محطّات الـ”ميترو”. حالة فريدة تختبرها حين تستقل “ميترو” دبي للمرّة الأولى، وتحديداً الخط الأخضر بين محطّتي الـ”استاد” والنهدة، حيث يصبح الـ”مترو” فوق سطح الأرض، والأضواء تتلألأ في كلّ مكان، تتمازج كلّها معاً بسبب زجاج النّافذة السّميك، فلا يمكنك إلا أن تتخيّل أنّك داخل الفيلم الأمريكي “intersteller”، تحديداً في لحظة اجتياز “كوبر” للثّقب الأسود، حيث تتداخل الأزمنة والأمكنة، ويعمل الخيال ويسافر بك بعيداً.

أمّا النّوع الثّاني فهو الذّكاء البشري وهو البعد الأعمق، فالإمارات تستفيد في كلّ لحظة من كلّ إنسان، وكلّ عقل وكلّ إبداع، فهي مدينة عالميّة تجد فيها كلّ جنسيّات العالم من دون استثناء، فالإمارات جميلة بتنوّعها، وباحترامها للإنسان.

حين تمشي في الطّريق تظنّ أنّك في معهدٍ عالميّ للغات، فهنا من يتحدّث باللغة الفرنسيّة، وهنا من يتكلّم الهنديّة، وتسمع الرّوسيّة والإسبانيّة والصّينيّة ونادراً العربيّة!

في الحملات الإعلانيّة للمعرض “إكسبو” دبي 2020 اعتمدت الإمارات شعار التّواصل، وبناء الجسور، والمبهر أنّك تشعر بذلك فور وصولك، وكشقٍّ يندرج تحت الذّكاء البشري، الذّكاء الاجتماعي: فهنا يُعدُّ اللّطف طبعاً، وأمّا القادم السّوري المعذَّب على أقلّ تقدير، ليس لطيفاً مع نفسه فما بالك مع الآخر؟ وعلامة الـ11 بين حاجبيه تخبرك بوضوح عن آثار 11 سنة من الحرب، ومن الاستحالة محوها الآن.

الإمارات ترحِّب بالجميع حتّى السّوريين!

لكن كيف التّأقلم؟ الجميع هنا يبتسم لك، فتشعر بالصّدمة، وتصمت بدلاً من أن تمتلك ردّ فعل طبيعي، وهو مبادلة الابتسامة بمثلها، والرّد على الكلمة اللّطيفة بمثلها.

تشكر الله، بينك وبين نفسك، على نعمة الـ”فيس ماسك” المفروضة هنا، كي لا يرى من يقابلك كم أنت متأذٍّ ومدمّر، وضحكتك خجولة ومرتجفة، وشفتك السّفلى تكاد تخرج من تحت القناع في كلّ لحظة تقريباً، مع كلّ دهشة تصادفها.

ريتينغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى